الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

{ وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ } فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب . والباء في { بالوعيد } مزيدة مثلها في { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة } أو معدية ، على أن «قدّم » مطاوع بمعنى «تقدّم » ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله : { مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ وَمَآ أَنَاْ بظلام لِّلْعَبِيدِ } ولأن { بالوعيد } حالاً ، أي : قدّمت إليكم هذا ملتبساً بالوعيد مقترناً به . أو قدّمته إليكم موعداً لكم به .

فإن قلت : إنّ قوله : { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم } واقع موقع الحال من { لاَ تَخْتَصِمُواْ } والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعها في زمان واحد واجب . قلت : معناه ولا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت إليكم بالوعيد ، وصحة ذلك عندهم في الآخرة ،

فإن قلت : كيف قال : { بظلام } على لفظ المبالغة ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون من قولك : هو ظالم لعبده ، وظلام لعبيده . والثاني : أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاماً مفرط الظلم . فنفى ذلك .