في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

57

ويتركهم بعد هذا التهديد المرهوب ، ويوجه رسوله الكريم ، إلى قول يقوله لهم . ثم يدعهم من بعده لمصيرهم الذي شهدوا صورته منذ قليل :

( قل : إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين . سبحان رب السماوات والأرض . رب العرش عما يصفون . فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ) . .

لقد كانوا يعبدون الملائكة بزعم أنهم بنات الله . ولو كان لله ولد لكان أحق أحد بعبادته ، وبمعرفة ذلك ، نبي الله ورسوله ، فهو منه قريب ، وهو أسرع إلى طاعة الله وعبادته ، وتوقير ولده إن كان له ولد كما يزعمون ! ولكنه لا يعبد إلا الله . فهذا في ذاته دليل على أن ما يزعمونه من بنوة أحد لله لا أصل له ، ولا سند ولا دليل ! تنزه الله وتعالى عن ذلك الزعم الغريب !

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

قوله تعالى : { قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين 81 سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون 82 فذرهم يخوضوا ويلعبون حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 83 وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم 84 وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون 85 ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون 86 ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون 87 وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون 88 فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون } . نزه الله نفسه عن اتخاذ الشركاء ، فهو الإله الأحد المقتدر ، خالق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما من خلائق وعجائب وكائنات ، فهو سبحانه مستغن عن الشريك أو الولد ، فإنه لا يحتاج لشيء من ذلك إلا من كان يعوزه الإيناس من الوحشة ، أو العون من الضعف . والله عز وعلا منزه عن هاتيك النقائص . قال سبحانه { قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين } { إن } ، شرطية . والتقدير : إن كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده ، على أنه لاولد له . وقيل : تقديره : إن كان للرحمان من ولد فأنا أول الآنفين من العبادة . وقيل : { إن } ، بمعنى ما النافية . أي ما كان للرحمان من ولد . وكونها شرطية أظهر وأولى بالصواب{[4158]} .

وإيراد هذا الكلام لهو على سبيل الفرض والتمثيل لغرض المبالغة في نفي الولد . والمعنى : لو صح أن للرحمان ولدا فأنا أول من يعظم هذا الولد وأسبقكم على طاعته والانقياد له كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه .


[4158]:البيان لابن الأنباري جـ2 ص 355.