في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

62

( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا . حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها . وقال لهم خزنتها : سلام عليكم . طبتم . فادخلوها خالدين ) . .

فهو الاستقبال الطيب . والثناء المستحب . وبيان السبب . ( طبتم )وتطهرتم . كنتم طيبين . وجئتم طيبين . فما يكون فيها إلا الطيب . وما يدخلها إلا الطيبون . وهو الخلود في ذلك النعيم . .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

قوله تعالى : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } قال الكوفيون : هذه الواو زائدة حتى تكون جواباً لقوله :{ حتى إذا جاؤوها } كما في سوق الكفار ، وهذا كما قال الله تعالى : { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء } ( الأنبياء-105 ) أي : ضياء والواو زائدة . وقيل : " الواو " واو الحال ، مجازه وقد فتحت أبوابها فأدخل الواو لبيان أنها كانت مفتحة قبل مجيئهم ، وحذفها في الآية الأولى ، لبيان أنها كانت مغلقة قبل مجيئهم ، فإذا لم تجعل " الواو " زائدة في قوله : { وفتحت أبوابها } اختلفوا في جواب قوله حتى إذا قيل : جوابه قوله :{ جاؤوها } { وقال لهم خزنتها } والواو فيه ملغاة تقديره حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها . وقال الزجاج : القول عندي أن الجواب محذوف ، تقديره :{ حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } دخلوها فحذف لدلالة الكلام عليه . { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم } يريد أن خزنة الجنة يسلمون عليهم ، ويقولون : طبتم ، قال ابن عباس : طاب لكم المقام ، قال قتادة : إذا قطعوا النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص بعضهم من بعض حتى إذا هذبوا وطيبوا أدخلوا الجنة . فقال لهم رضوان وأصحابه : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } . وروي عن علي عليه السلام قال : سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان ، فيغتسل المؤمن من إحداهما ، فيطهر ظاهره ، ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه ، وتلقفه الملائكة على أبواب الجنة ، يقولون : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

وقوله { طبتم } أي كنتم طيبين في الدنيا

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

ولما ذكر أحوال الكافرين ، أتبعه أحوال أضدادهم فقال : { وسيق } وسوقهم إلى المكان الطيب يدل على أن موقفهم كان طيباً لأن من كان في أدنى نكد فهيئ له مكان هنيء لا يحتاج في الذهاب إليه إلى سوق ، فشتان ما بين السوقين ! هذا سوق إكرام ، وذاك سوق إهانة وانتقام ، وهذا لعمري من بدائع أنواع البديع ، وهو أن يأتي سبحانه بكلمة في حق الكفار فتدل على هوانهم بعقابهم ، ويأتي بتلك الكلمة بعينها وعلى هيئتها في حق الأبرار فتدل على إكرامهم بحسن ثوابهم ، فسبحان من أنزله معجز المباني ، متمكن المعاني ، عذب الموارد والمثاني .

ولما كان هذا ليس لجميع السعداء بل للخلص منهم ، دل على ذلك بقوله : { الذين اتقوا } أي لا جميع المؤمنين { ربهم } أي الذين كلما زادهم إحساناً زادوا له هيبة ، روى أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة ، فقيل : ما أطول هذا اليوم ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة " وروى الطبراني وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تجتمعون يوم القيامة " - فذكر الحديث حتى قال : " قالوا : فأين المؤمنون يومئذ ؟ قال : توضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام يكون ذلك اليوم أقصر على المؤمنين من ساعة من نهار " ويمكن أن يكون السوق إشارة إلى قسر المقادير للفريقين على الأفعال التي هي أسباب الدارين { إلى الجنة زمراً } أهل الصلاة المنقطعين إليها المستكثرين منها على حدة ، وأهل الصوم كذلك - إلى غيرذلك من الأعمال التي تظهر آثارها على الوجوه .

ولما ذكر السوق ، ذكر غايته بقوله : { حتى إذا جاءوها } ولما كان إغلاق الباب عن الآتي يدل على تهاون به ، وفي وقوفه إلى أن يفتح له نوع هوان قال : { وفتحت } أي والحال أنها قد فتحت { أبوابها } أي إكراماً لهم قبل وصولهم إليها بنفس الفتح وبما يخرج إليهم من رائحتها ، ويرون من زهرتها وبهجتها ، ليكون ذلك لهم سائقاً ثانياً إلى ما لم يروا مثله ولا رأوا عنه ثانياً .

ولما ذكر إكرامهم بأحوال الدار ، ذكر إكرامهم بالخزنة الأبرار ، فقال عطفاً على جواب " إذا " بما تقديره : تلقتهم خزنتها بكل ما يسرهم : { وقال لهم خزنتها } أي حين الوصول : { سلام عليكم } تعجيلاً للمسرة لهم بالبشارة بالسلامة التي لا عطب فيها . ولما كانت داراً لا تصلح إلا للمطهرين قالوا : { طبتم } أي صلحتم لسكناها ، فلا تحول لكم عنها أصلاً ، ثم سببوا عن ذلك تنبيهاً على أنها دار الطيب ، فلا يدخلها إلا مناسب لها ، قولهم : { فادخلوها } فأنتج ذلك { خالدين * } ولعل فائدة الحذف لجواب " إذا " أن تذهب النفس فيه من الإكرام كل مذهب وتعلم أنه لا محيط به الوصف ، ومن أنسب الأشياء أن يكون دخولهم من غير مانع من إغلاق باب أو منع بواب ، بل مأذوناً لهم مرحباً بهم إلى ملك الأبد .