سؤال السوق في الكفار له وجه لأنهم أهل الطرد والعنف .
فما وجهه في أهل الجنة ؟ الجواب من وجوه : قال جار الله : المضاف هنا محذوف أي وسيق مراكب الذين اتقوا لأنهم لا يذهبون إلا راكبين كالوافدين على ملوك الدنيا ، وحثها إسراع لهم إلى دار الكرامة والرضوان : وقيل : طباق . وقيل : أكثر أهل الجنة البله فيحتاجون إلى السوق لأنهم لا يعرفون ما فيه صلاحهم . وقيل : إنهم يقولون لا أدخلها حتى يدخلها أحبائي فيتأخرون لهذا السبب وحينئذ يحتاجون إلى أن يساقوا إلى الجنة . وقال أهل العرفان : المتقون قد عبدوا الله لله لا للجنة فيصير شدة استغراقهم في مشاهدة مطالع الجمال والجلال مانعة لهم عن الرغبة في الجنة ، فلا جرم يفتقرون إلى السوق . وقال الحكيم : كل خصلة ذميمة أو شريفة في الإنسان فإنها تجره من غير اختياره شاء أم أبى إلى ما يضاهيه حاله فذاك معنى السوق .
سؤال آخر : لم قيل في صفة أهل النار { فتحت أبوابها } من غير واو وفي صفة أهل الجنة { وفتحت أبوابها } بالواو ؟ والجواب البحث عن مثل هذه الواو قد يقال له واو الثمانية قد مر في قوله { التائبون العابدون } [ التوبة : 112 ] وفي سورة الكهف إلا أن الذي اختص بالمقام هو أن بعضهم قالوا : إن أبواب جهنم مغلقة لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها ، وأما أبواب الجنة فمتقدم فتحها لقوله { جنات عدن مفتحة لهم الأبواب } [ ص : 50 ] فلذلك جيء بالواو كأنه قيل : حتى إذا جاؤها وقد فتحت أبوابها ، وعلى هذا فجواب { حتى إذا } محذوف وحق موقعه ما بعد { خالدين } أي كان ما كان من أصناف الكرامات والسعادات . وقيل : حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها أي مع فتح أبوابها . وقيل : لأهل التأويل أن يقولوا : إن أبواب الجنة وهي أسباب حصول الكمالات مفتوحة بمعنى أنها غير ممنوع عنها بل مندوب إليها مرغب فيها ، وأبواب جهنم مغلقة بمعنى أن أسبابها ممنوع عنها على لسان الشرع والعقل جميعاً . ومعنى تسليم الخزنة الإكرام والتهنئة بأنهم سلموا من أحوال الدنيا وأهوال القيامة . ومعنى { طبتم } قيل : إخبارهم عن كونهم طيبين في الدنيا بالأفعال الصالحة والأخلاق الفاضلة ، أو طبتم نفساً بما نلتم من الجنة ونعيمها . وقيل : إن أهل الجنة إذا انتهوا إلى بابها وجدوا عنده عينين تجريان من ساق شجرة فيتطهرون من إحداهما فتجري عليهم نضرة النعيم فلن تتغير أبشارهم بعدها أبداً ، ويشربون من الأخرى فيذهب ما في بطونهم من أذى وقذى فيقول لهم الخزنة : طبتم . وقال جار الله : أرادوا طبتم من دنس المعاصي وطهرتم من خبث الخطايا ، ولهذا عقبه بقوله { فادخلوها خالدين } ليعلم أن الطهارة عن المعاصي هي السبب في دخول الجنة والخلود فيها لأنها دار طهرها الله من دنس فلا يدخلها إلا من هو موصوف بصفتها رزقنا الله تعالى بعميم فضله وحسن توفيقه نسبة توجب ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.