لما ذكر فيما تقدّم حال الذين كفروا وسوقهم إلى جهنم ، ذكر هنا حال المتقين وسوقهم إلى الجنة ، فقال : { وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً } أي ساقتهم الملائكة سوق إعزاز وتشريف وتكريم . وقد سبق بيان معنى الزمر { حتى إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أبوابها } جواب إذا محذوف . قال المبرد تقديره : سعدوا وفتحت ، وأنشد قول الشاعر :
فلو أنها نفس تموت جميعة *** ولكنها نفس تساقط أنفسا
فحذف جواب لو ، والتقدير : لكان أروح . وقال الزجاج : القول عندي : أن الجواب محذوف على تقدير : حتى إذا جاءوها ، وكانت هذه الأشياء التي ذكرت دخلوها ، فالجواب دخولها ، وحذف لأن في الكلام دليلاً عليه . وقال الأخفش والكوفيون : الجواب { فتحت } ، والواو زائدة ، وهو خطأ عند البصريين ، لأن الواو من حروف المعاني ، فلا تزاد . قيل : إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله ، والتقدير : حتى إذا جاءوها ، وأبوابها مفتحة بدليل قوله : { جنات عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأبواب } [ ص : 50 ] ، وحذفت الواو في قصة أهل النار ، لأنهم وقفوا على النار ، وفتحت بعد وقوفهم إذلالاً وترويعاً . ذكر معناه النحاس منسوباً إلى بعض أهل العلم ، قال : ولا أعلم أنه سبقه إليه أحد . وعلى هذا القول تكون الواو واو الحال بتقدير قد ، أي جاءوها ، وقد فتحت لهم الأبواب . وقيل : إنها واو الثمانية ، وذلك أن من عادة العرب أنهم كانوا يقولون في العدد : خمسة ستة سبعة ، وثمانية ، وقد مضى القول في هذا في سورة براءة مستوفى ، وفي سورة الكهف أيضاً .
ثم أخبر سبحانه : أن خزنة الجنة يسلمون على المؤمنين ، فقال : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سلام عَلَيْكُمْ } أي سلامة لكم من كلّ آفة { طِبْتُمْ } في الدنيا ، فلم تتدنسوا بالشرك والمعاصي . قال مجاهد : طبتم بطاعة الله ، وقيل بالعمل الصالح ، والمعنى واحد . قال مقاتل : إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم حتى إذا هذبوا ، وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه { سلام عَلَيْكُمُ } الآية { فادخلوها } أي ادخلوا الجنة { خالدين } أي مقدّرين الخلود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.