في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا} (47)

47

( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة ، وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا . وعرضوا على ربك صفا . لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ، بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا . ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ؛ ويقولون : يا ويلتنا ! مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ? ووجدوا ما عملوا حاضرا ، ولا يظلم ربك أحدا ) .

إنه مشهد تشترك فيه الطبيعة ويرتسم الهول فيه على صفحاتها وعلى صفحات القلوب . مشهد تتحرك فيه الجبال الراسخة فتسير ، فكيف بالقلوب ، وتتبدى فيه الأرض عارية ، وتبرز فيه صفحتها مكشوفة لا نجاد فيها ولا وهاد ، ولا جبال فيها ولا وديان . وكذلك تتكشف خبايا القلوب فلا تخفى منها خافية .

ومن هذه الأرض المستوية المكشوفة التي لا تخبى ء شيئا ، ولا تخفي أحدا : ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ نُسَيِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةٗ وَحَشَرۡنَٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدٗا} (47)

{ ويوم نسيّر الجبال } واذكر يوم نقلعها ونسيرها في الجو ، أو نذهب بها فنجعلها هباء منبثا . ويجوز عطفه على { عند ربك } أي الباقيات الصالحات خير عند الله ويوم القيامة . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر تسير بالتاء والبناء للمفعول وقرئ " تسير " من سارت . { وترى الأرض بارزة } بادية برزت من تحت الجبال ليس عليها ما يسترها ، وقرئ " وترى " على بناء المفعول . { وحشرناهم } وجمعناهم إلى الموقف ، ومجيئه ماضيا بعد { نسير } { وترى } لتحقق الحشر أو للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير ليعاينوا ويشاهدوا ما وعد لهم ، وعلى هذا تكون الواو للحال بإضمار قد . { فلم نغادر } فلم نترك . { منهم أحدا } يقال غادره وأغدره إذا تركه ومنه الغدر لترك الوفاء والغدير لما غادره السيل ، وقرئ بالياء .