وقوله : { بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا } يعني : تصبروا على مُصَابرة عَدُوّكم وتتقوني وتطيعوا أمري .
وقوله : { وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا } قال الحسن ، وقتادة ، والربيع ، والسُّدِّي : أي من وجههم هذا . وقال مجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح : أي من غضبهم هذا . وقال الضحاك : من غضبهم ووجههم . وقال العَوْفيّ عن ابن عباس : من سفرهم هذا . ويقال : من غضبهم هذا .
وقوله : { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ } أي : معلمين بالسِّيما .
وقال أبو إسحاق السَّبِيعي ، عن حارثة بن مُضَرِّب ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : كان سِيَما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض ، وكان سيماهم أيضا في نواصي خَيْلِهم{[5644]} .
رواه ابن أبي حاتم ، ثم قال : حدثنا أبو زُرْعة ، حدثنا هَدْبة بن خالد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة في هذه الآية : { مُسَوِّمِينَ } قال : بِالْعِهْن الأحمر .
وقال مجاهد : { مُسَوِّمِينَ } أي : مُحَذَّقة أعرافها ، مُعَلَّمة نواصيها بالصوف الأبيض في أذناب الخيل .
وقال العَوْفِيّ ، عن ابن عباس ، قال : أتت الملائكة محمدا صلى الله عليه وسلم مُسَوِّمين بالصوف ، فسَوَم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف .
وقال عكرمة وقتادة { مُسَوِّمِينَ } أي : بسيما القتال ، وقال مكحول : { مُسَوِّمِينَ } بالعمائم .
وروى ابن مَرْدُويَه ، من حديث عبد القدوس بن حَبيب ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : { مُسَوِّمِينَ } قال : " مُعَلَّمينَ . وكان{[5645]} سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود ، ويوم حنين عمائم حُمْر " .
ورَوَى من حديث حُصَين بن مُخارق ، عن سعيد ، عن الحكم ، عن مِقْسَم ، عن ابن عباس قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر .
وقال ابن إسحاق : حَدّثني مَنْ لا أتهم ، عن مِقْسَم ، عن ابن عباس قال : كان{[5646]} سيما الملائكة يوم بدر عَمَائِمَ بيض قد أرْسَلُوها في ظهورهم ، ويوم حُنَيْنٍ عمائمَ حُمْرا . ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر ، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عَدَدًا ومَدَدًا لا يَضْربون .
ثم رواه عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مقْسَم عن ابن عباس ، فذكر نحوه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الأحْمَسِي{[5647]} حدثنا وَكِيع ، حدثنا هشام بن عُرْوة ، عن يحيى بن عباد : أن الزبير [ بن العوام ]{[5648]} رضي الله عنه ، كان عليه يوم بدر عمامة صفراء مُعْتَجرًا بها ، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صُفْر .
رواه ابن مَرْدُويَه من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، فذكره .
{ بلى } إيجاب لما بعد لن ، أي بلى يكفيكم . ثم وعد لهم الزيادة على الصبر والتقوى حثا عليهما وتقوية لقلوبهم فقال : { إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم } أي المشركون . { من فورهم هذا } من ساعتهم هذه ، وهو في الأصل مصدر من فارت القدر إذ غلت ، فاستعير للسرعة ثم أطلق للحال التي لا ريث فيها ولا تراخي ، والمعنى إن يأتوكم في الحال . { يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة } في حال إتيانهم بلا تراخ ولا تأخير . { مسومين } معلمين من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء لقوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه . " تسوموا فإن الملائكة قد تسومت " . أو مرسلين من التسويم بمعنى الأسامة . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب بكسر الواو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.