السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (125)

وقوله تعالى :

{ بلى } إيجاب لما بعد لن أي : بلى يكفيكم .

فإن قيل : قد قال تعالى في سورة الأنفال : { إني ممدّكم بألف من الملائكة مردفين } ( الأنفال : 9 ) فكيف قال هنا بثلاثة آلاف ؟ أجيب : بأنه مدهم أولاً بألف ثم صارت ثلاثة ثم صارت خمسة كما قال تعالى : { إن تصبروا } أي : على لقاء العدوّ { وتتقوا } الله في المخالفة { ويأتوكم } أي : المشركون { من فورهم } أي : من وقتهم { هذا } والفور العجلة والسرعة ومنه فارت القدر اشتدّ غليانها وسارع ما فيها إلى الخروج { يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين } أي : معلمين وقد صبروا واتقوا وأنجز الله وعده بأن قاتل معهم الملائكة على خيل يلف عليهم عمائم صفر أو بيض أرسلوها بين أكتافهم ، وعن عرفة بن الزبير : كانت عمامة الزبير يوم بدر صفراء فنزلت الملائكة كذلك ، وعن الضحاك معلمين بالصوف الأبيض في نواصي الدواب وأذنابها ، وعن مجاهد مجزوزة أذناب خيلهم . قال أكثر المفسرين : إن الملائكة لم تقاتل في غير يوم بدر .

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : ( تسوموا فإنّ الملائكة قد تسوّمت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم ) وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو والباقون بفتحها .