فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلَىٰٓۚ إِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأۡتُوكُم مِّن فَوۡرِهِمۡ هَٰذَا يُمۡدِدۡكُمۡ رَبُّكُم بِخَمۡسَةِ ءَالَٰفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (125)

بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين125

( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا ) أصل الفور القصد إلى الشئ والأخذ بجد وهو من قولهم فارت القدر تفور فورا إذا غلت ، و الفور الغليان ، وفاز غضبه إذا جاش وفعله من فوره أي قبل أن يسكن ، والفوارة ما يفور من القدر استعير للسرعة أي إن يأتوكم من ساعتهم هذه ( يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة ) في حال إتيانهم لا يتأخر عن ذلك ( مسومين ) أي معلمين بعلامات أو معلمين أنفسهم بعلامة على المبني المفعول أو الفاعل ورجح ابن جرير الأخير .

والتسويم إظهار سيما الشئ قال كثير من المفسرين مسومين أي مرسلين خيلهم في الغارة ، وقيل إن الملائكة اعتمت بعمائم بيض ، وقيل حمر ، وقيل خضر ، وقيل صفر ، فهذه هي العلامة التي علموا بها أنفسهم حكي ذلك عن الزجاج .

وقيل كانوا على خيل بلق ، وقيل غير ذلك ، وفي بيان التسويم عن السلف اختلاف كثير لا يتعلق به كثير فائدة .

قال ابن عباس لم تقاتل الملائكة في معركة إلا يوم بدر وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون إنما يكونون عددا ومددا . قال الحسن هؤلاء الخمسة آلاف ردء للمؤمنين إلى يوم القيامة .

وقد سئل السبكي عن الحكمة في قتال الملائكة مع أن جبريل قادر على ان يدفع الكفار بريشة من جناحه .

وأجاب : بأن ذلك لإرادة ان يكون الفضل للنبي وأصحابه وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب التي أجراها الله تعالى في عباده ، والله فاعل الجميع انتهى .