في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

وفي سياق قضية التشريع بالتحريم والتحليل ، وفي خط التربية للامة المسلمة في المدينة ، وتخليصها من جوالجاهلية ورواسبها وتقاليدها الشخصية والاجتماعية ، يجيء النص القاطع الأخير في تحريم الخمر والميسر مقرونين إلى تحريم الأنصاب والأزلام . أي إلى الشرك بالله .

( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون . إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل أنتم منتهون ؟ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين . ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ، ثم اتقوا وآمنوا ، ثم اتقوا وأحسنوا ، والله يحب المحسنين ) . .

لقد كانت الخمر والميسر والأنصاب والأزلام من معالم الحياة الجاهلية ، ومن التقاليد المتغلغلة في المجتمع الجاهلي . وكانت كلها حزمة واحدة ذات ارتباط عميق في مزاولتها ، وفي كونها من سمات ذلك المجتمع وتقاليده . . فلقد كانوا يشربون الخمر في إسراف ، ويجعلونها من المفاخر التي يتسابقون في مجالسها ويتكاثرون ؛ ويديرون عليها فخرهم في الشعر ومدحهم كذلك ! وكان يصاحب مجالس الشراب نحر الذبائح واتخاذ الشواء منها للشاربين وللسقاة ولأحلاس هذه المجالس ومن يلوذون بها ويلتفون حولها ! وكانت هذه الذبائح تنحر على الأنصاب وهي أصنام لهم كانوا يذبحون عليها ذبائحهم وينضحونها بدمها [ كما كانت تذبح عليها الذبائح التي تقدم للآلهة أي لكهنتها ! ] . . وفي ذبائح مجالس الخمر وغيرها من المناسبات الاجتماعية التي تشبهها كان يجري الميسر عن طريق الأزلام . وهي قداح كانوا يستقسمون بها الذبيحة ، فيأخذ كل منهم نصيبه منها بحسب قدحه . فالذي قدحه [ المعلى ] يأخذ النصيب الأوفر ، وهكذا حتى يكون من لا نصيب لقدحه . وقد يكون هو صاحب الذبيحة فيخسرها كلها !

وهكذا يبدو تشابك العادات والتقاليد الاجتماعية ؛ ويبدو جريانها كذلك وفق حال الجاهلية وتصوراتها الاعتقادية .

ولم يبدأ المنهج الإسلامي في معالجة هذه التقاليد في أول الأمر ، لأنها إنما تقوم على جذور اعتقادية فاسدة ؛ فعلاجها من فوق السطح قبل علاج جذورها الغاثرة جهد ضائع . حاشا للمنهج الرباني أن يفعله ! إنما بدأ الإسلام من عقدة النفس البشرية الأولى . عقدة العقيدة . بدأ باجتثاث التصور الجاهلي الاعتقادي جملة من جذورة ؛ وإقامة التصور الأسلامي الصحيح . إقامته من أعماق القاعدة المرتكزة إلى الفطرة . . بين للناس فساد تصوراتهم عن الألوهية وهداهم إلى الإله الحق . وحين عرفوا إلهم الحق بدأت نفوسهم تستمع إلى ما يحبة منهم هذا الإله الحق وما يكرهه . وما كانوا قبل ذلك ليسمعوا ! أو يطيعوا أمرا ولا نهيا ؛ وما كانوا ليقلعوا عن مألوفاتهم الجاهلية مهما تكرر لهم النهي وبذلت لهم النصيحة . . إن عقدة الفطرة البشرية هي عقدة العقيدة ؛ وما لم تنعقد هذه العقيدة أولا فلن يثبت فيها شيء من خلق أو تهذيب أو إصلاح اجتماعي . . إن مفتاح الفطرة البشرية ها هنا . وما لم تفتح بمفتاحها فستظل سراديبها مغلقة ودروبها ملتوية ، وكما كشف منها زقاق انبهمت أزقة ؛ وكلما ضاء منها جانب أظلمت جوانب ، وكلما حلت منها عقدة تعقدت عقد ، وكلما فتح منها درب سدت دروب ومسالك . . إلى ما لا نهاية . .

لذلك لم يبدأ المنهج الإسلامي في علاج رذائل الجاهلية وانحرافاتها ، من هذه الرذائل والانحرافات . . إنما بدأ من العقيدة . . بدأ من شهادة أن لاإله إلا الله . . وطالت فترة إنشاء لا إله إلا الله هذه في الزمن حتى بلغت نحو ثلاثة عشر عاما ، لم يكن فيها غاية إلا هذه الغاية ! تعريف الناس بإلههم الحق وتعبيدهم له وتطويعهملسلطانه . . حتى إذا خلصت نفوسهم لله ؛ وأصبحوا لا يجدون لأنفسهم خيرة إلا ما يختاره الله . . عندئذ بدأت التكالف - بما فيها الشعائر التعبدية - وعندئذ بدأت عملية تنقية رواسب الجاهلية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والأخلاقية والسلوكية . . بدأت في الوقت الذي يأمر الله فيطيع العباد بلا جدال . لأنهم لا يعلمون لهم خيرة فيما يأمر الله به أو ينهى عنه أيا كان !

أو بتعبير آخر : لقد بدأت الأوامر والنواهي بعد " الإسلام " . . بعد الاستسلام . . بعد أن لم يعد للمسلم في نفسه شيء . . بعد أن لم يعد يفكر في أن يكون له إلى جانب الى أمر الله رأي أو اختيار . . أو كما يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه : " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " تحت عنوان : " انحلت العقدة الكبرى " : " . . انحلت العقدة الكبرى . . عقدة الشرك والكفر . . فانحلت العقد كلها ؛ وجاهدهم رسول الله [ ص ] جهاده الأول ، فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر أو نهي ؛ وانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى ، فكان النصر حليفه في كل معركة . وقد دخلوا في السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة ، لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ؛ ولا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى ؛ ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أو نهى . حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم ؛ وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد . . نزل تحريم الخمر والكؤوس المتدفقة على راحاتهم ؛ فحال أمر الله بينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة ؛ وكسرت دنان الخمر فسالت في سكك المدينة " .

ومع هذا فلم يكن تحريم الخمر وما يتصل بها من الميسر أمرا مفاجئا . . فلقد سبقت هذا التحريم القاطع مراحل وخطوات في علاج هذه التقاليد الاجتماعية المتغلغلة ، المتلبسة بعادات النفوس ومألوفاتها ، والمتلبسة كذلك ببعض الجوانب الاقتصادية وملابساتها .

لقد كانت هذه هي المرحلة الثالثة أو الرابعة في علاج مشكلة الخمر في المنهج الإسلامي :

كانت المرحلة الأولى مرحلة إطلاق سهم في الاتجاه حين قال الله سبحانه في سورة النحل المكية : ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا . . . ) فكانت أول ما يطرق حس المسلم من وضع السكر [ وهو المخمر ] في مقابل الرزق الحسن . . فكأنما هو شيء والرزق الحسن شيء آخر .

ثم كانت الثانية بتحريك الوجدان الديني عن طريق المنطق التشريعي في نفوس المسلمين حين نزلت التي في سورة البقرة : ( يسألونك عن الخمر والميسر . قل : فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما ) . . وفي هذا إيحاء بأن تركهما هو الأولى ما دام الاثم اكبر من النفع . إذ أنه قلما يخلو شيء من نفع ؛ ولكن حله أو حرمته إنما ترتكز على غلبة الضر أو النفع .

ثم كانت الثالثة بكسر عادة الشراب ، وإيقاع التنافر بينها وبين فريضة الصلاة حين نزلت التي في النساء ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) . . والصلاة في خمسة أوقات معظمها متقارب ؛ ولا يكفي ما بينها للسكر ثم الإفاقة . وفي هذا تضييق لفرص المزاولة العملية لعادة الشراب - وخاصة عادة الصبوح في الصباح والغبوق بعد العصر أو المغرب كما كانت عادة الجاهليين - وفيه كسر لعادة الإدمان التي تتعلق بمواعيد التعاطي . وفيه - وهو أمر له وزنه في نفس المسلم - ذلك التناقض بين الوفاء بفريضة الصلاة في مواعيدها والوفاء بعادة الشراب في مواعيدهاثم كانت هذة الرابعة الحاسمة والأخيرة ، وقد تهيأت النفوس لها تهيؤا كاملا فلم يكن إلا النهي حتى تتبعه الطاعة الفورية والإذعان :

عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شفاء . فنزلت التي في البقرة : ( يسألونك عن الخمر والميسر ، قل : فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، وإثمهما أكبر من نفعهما ) . فدعي عمر - رضي الله عنه - فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء ، فنزلت التي في النساء : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى . . )الآية . . فدعي عمر - رضي الله عنه - فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء . فنزلت التي في المائدة : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ؛ ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل أنتم منتهون ؟ ) فدعي عمر فقرئت عليه فقال : " انتهينا . انتهينا " . . [ أخرجه أصحاب السنن ] .

ولما نزلت آيات التحريم هذه ، في سنة ثلاث بعد وقعة أحد ، لم يحتج الأمر إلى أكثر من مناد في نوادي المدينة : " ألا أيها القوم . إن الخمر قد حرمت " . . فمن كان في يده كأس حطمها ومن كان في فمه جرعة مجها ، وشقت زقاق الخمر وكسرت قنانيه . . وانتهى الأمر كأن لم يكن سكر ولا خمر !

والآن ننظر في صياغة النص القرآني ؛ والمنهج الذي يتجلى فيه منهج التربية والتوجيه :

( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون . إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل أنتم منتهون ؟ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين )

إنه يبدأ بالنداء المألوف في هذا القطاع :

( يا أيها الذين آمنوا . . )

لاستجاشة قلوب المؤمنين من جهة ؛ ولتذكيرهم بمقتضى هذا الإيمان من الالتزام والطاعة من جهة أخرى . . يلي هذا النداء الموحي تقرير حاسم على سبيل القصر والحصر :

( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان . . )

فهي دنسة لا ينطبق عليها وصف " الطيبات " التي احلها الله . وهي من عمل الشيطان . والشيطان عدو الإنسان القديم ؛ ويكفي أن يعلم المؤمن أن شيئا ما من عمل الشيطان لينفر منه حسه ، وتشمئز منه نفسه ، ويجفل منه كيانه ، ويبعد عنه من خوف ويتقيه !

وفي هذه اللحظة يصدر النهي مصحوبا كذلك بالإطماع في الفلاح - وهي لمسة أخرى من لمسات الإيحاء النفسي العميق :

( فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

يقول تعالى ناهيًا عباده المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر ، وهو القمار .

وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال : الشَطْرَنج من الميسر . رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن عُبَيس بن مرحوم ، عن حاتم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي ، به .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي{[10280]} حدثنا وَكِيع ، عن سفيان ، عن لَيْث ، عن عطاء ومجاهد وطاوس - قال سفيان : أو اثنين منهم - قالوا : كل شيء من القمار فهو من الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز .

ورُوي عن راشد بن سعد وحمزة بن حبيب{[10281]} وقالا حتى الكعاب ، والجوز ، والبيض التي{[10282]} تلعب بها الصبيان ، وقال موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : الميسر هو القمار .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس قال : الميسر هو القمار ، كانوا يتقامرون في الجاهلية إلى مجيء الإسلام ، فنهاهم الله عن هذه الأخلاق القبيحة .

وقال مالك ، عن داود بن الحُصَيْن : أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : كان ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين .

وقال الزهري ، عن الأعرج قال : الميسر والضرب بالقداح على الأموال والثمار .

وقال القاسم بن محمد : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهو من الميسر .

رواهن ابن أبي حاتم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا صدقة ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا هذه الكِعَاب الموسومة التي يزجر بها زجرًا فإنها من الميسر " . حديث غريب . {[10283]}

وكأن المراد بهذا هو النرد ، الذي ورد في الحديث به في صحيح مسلم ، عن بُرَيدة بن الحُصَيب الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لعب بالنَّرْدَشير فكأنما صَبَغ يده في لحم خنزير ودَمه " . {[10284]} وفي موطأ مالك ومسند أحمد ، وسنني أبي داود وابن ماجه ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " . {[10285]} وروي موقوفًا عن أبي موسى من قوله ، فالله أعلم .

وقال الإمام أحمد : حدثنا مكي بن إبراهيم{[10286]} حدثنا الجُعَيْد ، عن موسى بن عبد الرحمن الخطمي ، أنه سمع محمد بن كعب وهو يسأل عبد الرحمن يقول : أخبرني ، ما سمعت أباك يقول عن رسول الله{[10287]} صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عبد الرحمن : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل الذي يلعب بالنرد ، ثم يقوم فيصلي ، مثل الذي يتوضأ بالقَيْح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي " . {[10288]}

وأما الشطرنج فقد قال عبد الله بن عمر : أنه شرّ من النرد . وتقدم عن علي أنه قال : هو من الميسر ، ونص على تحريمه مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وكرهه الشافعي ، رحمهم الله تعالى .

وأما الأنصاب ، فقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وغير واحد : هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها .

وأما الأزلام فقالوا أيضًا : هي قداح كانوا يستقسمون بها .

وقوله : { رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أي سَخَط من عمل الشيطان . وقال سعيد بن جبير : إثم . وقال زيد بن أسلم : أي شر من عمل الشيطان .

{ فَاجْتَنِبُوهُ } الضمير عائد على الرجس ، أي اتركوه { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } وهذا ترغيب .


[10280]:في أ: "الأعمشي".
[10281]:في أ: "حبيب مثله".
[10282]:في أ: "الذي".
[10283]:وذكره ابن أبي حاتم في العلل (2/297)، وقال: "وقال أبي: هذا حديث باطل وهو من علي بن يزيد، وعثمان لا بأس به".
[10284]:صحيح مسلم برقم (2260).
[10285]:الموطأ (2/958) والمسند (4/394) وسنن أبي داود برقم (4938) وسنن ابن ماجة برقم (3762).
[10286]:في أ: "علي بن إبراهيم" وهو خطأ.
[10287]:في أ: "عن النبي".
[10288]:المسند (5/370) وقال الهيثمي في المجمع (8/113): "فيه موسى بن عبد الرحمن الخطمي ولم أعرفه، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

القول في تأويل قوله تعالى : { يََأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلاَمُ رِجْسٌ مّنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ } . .

وهذا بيان من الله تعالى ذكره للذين حرّموا على أنفسهم النساء والنوم واللحم من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم تشبها منهم بالقسيسين والرهبان ، فأنزل الله فيهم على نبيه صلى الله عليه وسلم كتابه ، ينهاهم عن ذلك ، فقال : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرّمُوا طَيّباتِ ما أحَلّ اللّهُ لَكُمْ فنهاهم بذلك عن تحريم ما أحلّ الله لهم من الطيبات . ثم قال : ولا تعتدوا أيضا في حدودي ، فتحلوا ما حرّمت عليكم ، فإن ذلك لكم غير جائز كما غير جائز لكم تحريم ما حللت ، وإني لا أحبّ المعتدين . ثم أخبرهم عن الذي حرّم عليهم مما إذا استحلوه ، وتقدّموا عليه كانوا من المعتدين في حدوده ، فقال لهم : يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ، إن الخمر التي تشربونها والميسر الذي تتياسرونه والأنصاب التي تذبحون عندها والأزلام التي تستقسمون بها رِجْسٌ يقول : إثم ونَتْن ، سخِطه الله وكرهه لكم مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ يقول : شربكم الخمر ، وقماركم على الجُزُر ، وذبحكم للأنصاب ، واستقسامكم بالأزلام من تزيين الشيطان لكم ، ودعائه إياكم إليه ، وتحسينه لكم ، لا من الأعمال التي ندبكم إليها ربكم ، ولا مما يرضاه لكم ، بل هو مما يسخطه لكم . فاجْتَنِبُوهُ يقول : فاتركوه وارفضوه ، ولا تعملوه . لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ يقول : لكي تنجحوا فتدركوا الفلاح عند ربكم ، بترككم ذلك . وقد بينا معنى الخمر والميسر والأزلام فيما مضى فكرهنا إعادته . وأما الأنصاب ، فإنها جمع نصب ، وقد بينا معنى النصب بشواهده فيما مضى .

ورُوِي عن ابن عباس في معنى الرجس في هذا الموضع ، ما :

حدثني به المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشّيْطانِ يقول : سخط .

وقال ابن زيد في ذلك ، ما :

حدثني به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : رِجْسٌ مِنَ عَمَلِ الشّيْطانِ قال : الرجس : الشرّ .