الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

قوله : ( يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ ) [ الآية 92 ] .

أخبر الله تعالى الذي أرادوا التحريم على أنفسهم –بعد أن نهاهم عن التحريم- أن الخمر والميسر –وهو الذي يتياسرونه- ، والأنصاب –وهي التي( {[17863]} ) يذبحون عندها( {[17864]} )- ، والأزلام التي يقتسمون( {[17865]} ) بها ( رِجْسٌ ) أي : إثم ونتن ، ( مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) أي : مما زيَّنه( {[17866]} ) الشيطان لكم وحسنه في أعينكم ، [ ( فَاجْتَنِبُوهُ ) ]( {[17867]} ) أي : فاتركوه وارفضوه ( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )( {[17868]} ) .

والميسر : القمار( {[17869]} ) . وسئل القاسم بن محمد( {[17870]} ) عن الشطرنج والنرد ، ( فقال )( {[17871]} ) : هو ميسر ، وقال [ كل ما ]( {[17872]} ) صد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر( {[17873]} ) .

قال مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو ، وميسر القمار( {[17874]} ) ، فمن ميسر اللهو النرد( {[17875]} ) والشطرنج والملاهي كلها ، وميسر القمار هو ما يتخاطر( {[17876]} ) الناس عليه( {[17877]} ) .

قال الأصمعي : الميسر كان في الجزور( {[17878]} ) خاصة( {[17879]} ) ، كانوا يقتسمونها( {[17880]} ) على ثمانية وعشرين سهماً( {[17881]} ) . وقال الشيباني( {[17882]} ) : على عشرة أسهم( {[17883]} ) . ثم يلقون القداح ويتقامرون( {[17884]} ) على مقاديرها( {[17885]} ) .

" والأنصاب : حجارة كانوا يعبدونها في الجاهلية ، " والأزلام : القداح " ( {[17886]} ) .

والرجس : كل عمل يقبح فعله( {[17887]} ) ، ( وهو )( {[17888]} ) النتن( {[17889]} ) .

( و )( {[17890]} ) قوله ( فَاجْتَنِبُوهُ ) : الهاء تعود على " الرجس " ( {[17891]} ) . وقيل : تعود على " الخمر " . / وقيل : المعنىم : فاجتنبوا هذا الفعل( {[17892]} ) . وقيل : المعنى : فاجتنبوا ما ذكر .

وذكر ابن المنكدر( {[17893]} ) أن النبي عليه السلام قال : مَن شَربَ الخمرَ ثُمّ لم يسكر ، أَعْرَضَ اللَّهُ عَنه أربعين ليلةً ، وإن أسكر( {[17894]} ) لم يَقبَل اللهُ منه صَرْفاً ولا عَدلاً أربعين ليلة ، فإن مات فيها ، مات كعابد الأوثان ، وكان حقاً على الله أن يَسْقِيَه يوم القيامة من طينة الخَبال . قيل : يا رسول الله ، وما طينة الخبال ؟ قال : عُصارة أهل النار : القيح( {[17895]} ) والدم( {[17896]} ) .


[17863]:- ب: الذي.
[17864]:- ب ج د: إليها.
[17865]:- ج د: يستقسمون.
[17866]:- ب: زينة.
[17867]:- أ: قوله: فاجتنبوا.
[17868]:- انظر: تفسير الطبري 10/563، 564.
[17869]:- انظر: معاني الفراء 1/319، وغريب ابن قتيبة 145، ومعاني الزجاج 2/202، وهو قول ابن عباس وابن جبير وابن أبي طلحة وعطاء وقتادة وابن أبي نجيح ومجاهد: في تحريم النرد 77 وما بعدها. وانظر: تفسير الفاتحة والبقرة 591، واللسان: يسر. وانظر: قائليه في تفسير الطبري 4/322.
[17870]:- وهو أبو محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أحد الفقهاء السبعة روى عن الصحابة. روى عنه التابعون توفي سنة 201هـ أو 202. انظر: الوفيات 4/59، وطبقات ابن سعد 5/187، وطبقات الفقهاء 41.
[17871]:- ساقطة من ب.
[17872]:- أ: كما. ج: كلما.
[17873]:- انظر: تحريم النرد 63 و64 و65 و81 و117، وتفسير الفاتحة والبقرة 592، وتفسير الطبري 4/324. وسؤال القاسم وجوابه: حكاية عبيد الله بن عمر في أحكام القرطبي 6/292، وأخرجه ابن أبي حاتم في الدر 3/168.
[17874]:- ب: القمر.
[17875]:- ب: والنرد.
[17876]:- ب: يبخاطر.
[17877]:- انظر: كراهة مالك للشطرنج والنرد في تحريم النرد 109، وفي "مساوئ الأخلاق" للخرائطي من طريق إسماعيل بن أبي أويس قال: سمعت مالك بن أنس يقول: أول من جاء بالكتاب العربي والشطرنج والنرد عمرو بن العاص، تعلم ذلك بالحيرة" انظر: الوسائل في مسامرة الأوائل 114.
[17878]:- ج د: الجدور.
[17879]:- د: خاص.
[17880]:- ج: يستعملونها. د: يستقسمونها.
[17881]:- انظر: معاني الزجاج 2/202.
[17882]:- ب: الشيباني. ج: الشيبالي. د: الشبالي. وهو أبو عمرو الشباني في معاني الزجاج 2/203، وهو خطأ.
[17883]:- انظر: معاني الزجاج 2/202.
[17884]:- د: يتغامرون.
[17885]:- ب ج د: مقاديرهم. وانظر: معاني الزجاج 2/203. و"تحريم النرد والشطرنج والملاهي" مؤلف من آثار لرسول الله وصحابته وتابعيهم مسندة إليهم، كلها في موضوع الملاهي، وأضاف محقق هذا الكتاب ملحقاً بالآثار –غير الواردة فيه- منتقاة من "سنن" البيهقي و"دَم الملاهي" لابن أبي الدنيا.
[17886]:- غريب ابن قتيبة 146، وانظر: تفسير الآية الرابعة من هذه السورة.
[17887]:- انظر: إعراب النحاس 1/517، والتفسير الكبير 12/79، وتفسير البحر 4/14.
[17888]:- ب ج د: فهو.
[17889]:- انظر: معاني الزجاج 2/203، وفي تفسير الطبري 10/565 أن الرجس في قول ابن عباس بمعنى: السخط، وفي قول ابن زيد، بمعنى: الشر.
[17890]:- ساقطة من ب ج د.
[17891]:- انظر: إعراب النحاس 1/517، والتفسير الكبير 12/79، وتفسير البحر 4/14.
[17892]:- انظر: إعراب النحاس 1/517. قال القرطبي في أحكامه 6/288: "وهو أقوى التحريم وأوكده".
[17893]:- مخرومة في أ. د: المنكندر. وهو أبو عبد الله بن المنكدر القرشي التيمي المدني، الحافظ. روى عن عائشة وأبي هريرة. روى عنه ابن أسلم والزهري وطائفة. توفي سنة 130هـ أو 136. انظر: التذكرة 127 و128، وطبقات ابن خياط 263، والخلاصة 2/461.
[17894]:- مخرومة في أ. ج د: سكر.
[17895]:- ب: والقيخ.
[17896]:- في تفسير ابن كثير 2/99 و100 أحاديث صحيحة –بمختلف الروايات- قريبة جداً من هذا الحديث. وأخرج نحوه مسلم في الأشربة، والنسائي في الأشربة، وأبو داود والترمذي في الأشربة أيضاً: انظر: جامع الأصول 5/100 و101.