إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

{ يا أيها الذين آمَنُوا إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب } أي الأصنامُ المنصوبةُ للعبادة { والأزلام } سلف تفسيرها في أوائل السورة الكريمة { رِجْسٌ } قذر تعاف عنه العقول ، وإفراده لأنه خبرُ الخمر ، وخبرُ المعطوفات محذوفٌ ثقةً بالمذكور ، أو المضاف محذوف أي شأن الخمر والميسر ، الخ { مِنْ عَمَلِ الشيطان } في محل الرفع على أنه صفةُ ( رجس ) ، أي كائن من عمله لأنه مسبَّبٌ من تسويله وتزيينه { فاجتنبوه } أي الرجس أو ما ذكر { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي راجين فلاحكم ، وقيل : لكي تفلحوا بالاجتناب عنه وقد مر تحقيقه في تفسير قوله تعالى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة ، الآية 21 . والآية 63 . والآية 179 . والآية 183 ] ولقد أُكِّد تحريم الخمر والميسر في هذه الآية الكريمة بفنون التأكيد حيث صُدِّرت الجملة بإنما وقُرِنا بالأصنام والأزلام ، وسُمِّيا رجساً من عمل الشيطان تنبيهاً على أن تعاطيَها شرٌّ بحْتٌ ، وأَمَر بالاجتناب عن عينهما وجعل ذلك سبباً يرجى عنه الفلاح ، فيكون ارتكابهما خَيبة ومَحْقة .