تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس )الآية

عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : الميسر القمار .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «اجتنبوا الكعاب الموسومة التي تزجر زجرا فإنها ميسر العجم »[ بنحوه أحمد : 4/392 ] وعن ابن مسعود رضي الله عنه مثله ، وعن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم : «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله »[ أبو داوود4938 ] .

وعن ابن عمر رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : الميسر قمار . وعن علي رضي الله عنه [ أنه قال ][ في الأصل وم : قال : مدرجة بعد أيضا ] أيضا : الشطرنج ميسر الأعاجم . وعن مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وهؤلاء السلف [ أنهم ][ ساقطة من الأصل وم ] قالوا : الميسر القمار كله حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «لا جلب ولا جنب ولا شغار ولا وراط في الإسلام »[ الترمذي1123 ] وقيل : الوراط القمار ، وقيل : الجلب هو أن يجلب وراء الفرس حتى يدنو ، أو يحرك وراءه الشيء ، يستحث السبق ، والجنب هو الذي يجنب مع الفرس الذي به يسابق فرسا آخر حتى إذا داناه تحول راكبه إلى الفرس الجنوب ، فأخذ السبق .

وأجمع أهل العلم على أن القمار حرام ، وأن الرهان هو المخاطرة مثل القمار . وما روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه خاطر أهل مكة في غلبة الروم فارس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «زدهم في الخطر ، وأبعدهم في الأجل » فكان ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة في الوقت الذي لم ينفذ حكمه .

فأما في دار الإسلام لا خلاف في أن ذلك لا يجوز إلا ما رخص فيه من الرهان في السبق في الدواب والإبل إذا كان الآخذ واحدا : إن سبق أخذ ، وإن سبق لم يدفع شيء ، وكذلك إن كان السبق بين الرجلين : أيهما سبق أخذ ، و إن دخل بينهما فرس : إن سبق أخذ ، وإن سُبق [ لم ][ ساقطة من الأصل وم ] يغرم صاحبه شيئا ، فهو جائز . ويسمى الداخل بينهما المحلل .

فأما الرخصة فيه فما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا سبق إلا في خف أو حافر أو نضال »[ أبو داوود2574 ] . هذا الذي وصفنا ، كله من الميسر . والأنصاب هي الأحجار والأوثان التي كانوا ينصبونها ، ويعبدونها ، ويذبحون بها . وأما الأزلام فالقداح التي يستقسمون بها في أمورهم ، ويستعملونها . ففيه دليل بطلان الحكم بالقرعة لأن الاستقسام بالقداح هو أن كانوا يجعلون الثمن على الذي خرج سهمه أخيرا ، ويتصدقون بما اشتروا على الفقراء . ففيه إيجاب الثمن على الغير ، فيجعلون الأمر إلى من ليس له تمييز . فعوتبوا على ذلك الحكم بالقرعة ، تسلم[ في الأصل وم : تسليم ] إلى من ليس له تمييز بين المحق وغير المحق ، فيلحق هذا ما لحق أولئك .

ثم أخبر أن ذلك كله ( رجس من عمل الشيطان ) وليس في الحقيقة عمل الشيطان ؛ لأن الشيطان لا يفعل هذا حقيقة . لكن نسب ذلك إليه لما يدعوهم إلى ذلك ، ويزين لهم .

وكذلك قول موسى عليه السلام : ( هذا من عمل الشيطان إنه )[ القصص : 15 ] كذا ، وكذلك قوله تعالى : ( فأخرجهما مما كانا فيه )[ البقرة : 36 ] وهو ، لعنه الله ، لم يتول إخراجهما ، ولكن كان به سبب الإخراج والإذلال ؛ وهو الدعاء إلى ذلك والمراآة لهما[ في الأصل وم : لهم ] فنسب ذلك إليه ، والله أعلم .