التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (90)

قوله تعالى :

( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )

أخرج الطبري بسنده الحسن ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( رجسٌ من عمل الشيطان ) يقول : سخط .

قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أخبرنا عيسى وابن إدريس ، عن أبي حيان ، عن الشعبي ، عن ابن عمر قال : سمعت عمر رضي الله عنه ، على منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : " أما بعد أيها الناس ، إنه نزل تحريم الخمر ، وهى من خمسة : من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير . والخمر ما خامر العقل " .

( صحيح البخاري : 8/126ح4619 - ك التفسير - سورة المائدة ) .

قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يَتُب منها حُرِمَهَا في الآخرة " .

( صحيح البخاري 10/33ح5575 - ك الأشربة ، قول الله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب ) ) .

قال مسلم : حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة ( رجل من أهل مصر ) ، أنه جاء عبد الله بن عباس . ح وحدثنا أبو الطاهر ( واللفظ له ) ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس وغيره ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن وعلة السبأي ( من أهل مصر ) ، أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب ؟ فقال ابن عباس : إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوِيةَ خمر . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل علمت أن الله قد حرَّمها ؟ " قال : لا . فَسَارَّ إنساناً . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بم سارَرْتَهُ ؟ " . فقال : أمرتُه ببيعها . فقال : " إن الذي حرَّم شُرْبَها حرَّم بيعَها " . قال : ففتح المَزادَ حتى ذهب ما فيها .

( صحيح مسلم : 3/1206ح1579 - ك المساقاة ، ب تحريم بيع الخمر ) .

وقال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ، قالا : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا زهير ، حدثنا سماك بن حرب . حدثني مصعب بن سعد عن أبيه ، أنه نزلت فيه آياتٌ من القرآن قال : حَلفَت أمُّ سعد أن لا تُكلِّمه أبدا حتى بدينه ، ولا تأكل ولا تشرب . قالت : زعمتَ أن الله وصَّاك بوالديك ، وأنا أمك ، وأنا آمرك بهذا . قال : مكثَتْ ثلاثاً حتى غُشِي عليها من الجهد . فقام ابنٌ لها ، يقال له عمارة ، فسقاها ، فجعلت تدعو على سعد . فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية : ( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) لقمان : 15 ، وفيها ( وصاحبهما في الدنيا معروفا ) قال : وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة ، فإذا فيها سيفٌ فأخذتُه ، فأتيتُ به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت : نَفِّلني هذا السيف ، فأنا من قد علمت حاله ، فقال : " رُدَّهُ من حيثُ أخذتَه " ، فانطلقت حتى إذا أردتُ أن أُلقِيَه في القبض لامتني نفسي ، فرجعت إليه فقلت : أعطنيه . قال : فشَدَّ لي صوته : " رُدَّه من حيثُ أخذتَه " . قال : فأنزل الله عز وجل ( يسألونك عن الأنفال ) الأنفال : 1 . قال : ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني ، فقلت : دعني أقسم مالي حيث شئت . قال : فأبى . قلت : فالنصف . قال : فأبى . قلت : فالثلث . قال : فسكت . فكان بعد الثلث جائزا . قال : وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا : تعالى نطعمك ونسقيك خمرا _ وذلك قبل أن تحرم الخمر _ قال : فأتيتهم في حُشٍّ _ والحُشُّ البستان _ فإذا رأسُ جَزورٍ مشويٌّ عندهم ، و زِقٌّ من خمر ، قال : فأكلت وشربت معهم ، قال : فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم ، فقلت : المهاجرون خير من الأنصار ، قال . فأخذ رجلٌ أحدَ لِحْيَي الرأس ، فضربني به ، فجرح بأنفي ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فأنزل الله عزو جل في _ يعني نفسَه _ شأن الخمر ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ) .

( صحيح مسلم : 4/1877ح1748 - ك فضائل الصحابة ، ب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ) .

قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز ( يعني الدراوردي ) ، عن عمارة بن غزية ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن رجلا قدم من جيشان ، ( وجيشان من اليمن ) ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذُّرَة ، يقال له المِزْرُ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَو مُسْكِرٌ هو ؟ قال : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلُّ مُسكِر حرام " . إن على الله _ عز وجل _ عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيَه من طِينة الخَبَال " ؟ . قال : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : " عَرَق أهل النار ، أو عُصارة أهل النار " .

( صحيح مسلم 3/1587ح2002 - ك الأشربة ، ب بيان أن كل مسكر خمر ، وأن كل خمر حرام ) .

قال الترمذي : حدثنا عبد الله بن منير قال : سمعت أبا عاصم ، عن شبيب بن بشر ، عن أنس بن مالك قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرةً : عاصرَها ، ومُعتصِرَها ، وشاربَها ، وحاملَها ، والمحمولةَ إليه ، وساقيَها ، وبائعَها ، وآكلَ ثمنها ، والمُشترِيَ لها ، والمُشتراةَ له .

( السنن : 3/580ح1295 - ك البيوع ، ب النهي أن يتخذ الخمر خلا ) وقال : حديث غريب ، وأخرجه ابن ماجة ( السنن : 2/1122ح3381- ك الأشربة ، ب التجارة في الخمر ) من طريق محمد بن سعيد التستري ، عن أبي عاصم به . وقال الألباني : حسن صحيح ( صحيح الترمذي : 2/27 ) ، وأخرجه الضياء المقدسي ( المختارة : 6/181-183 ) من طُرُقٍ ، عن شبيب بن بشر به ، وحسَّن محققُه أسانيدها ) .

انظر حديث عمر المتقدم في سورة البقرة عند الآية ( 219 ) .

قال مسلم : حدثنا عبد الله بن عمر القواريري ، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام ، حدثنا سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة قال : " يا أيها الناس : إن الله تعالى يُعرِّض بالخمر ، ولعل الله سيُنزِل فيها أمرا ، فمن كان عنده شيءٌ فليبعْه ، ولينتفعْ به " . قال : فما لبثنا إلا يسيرا ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى حرَّم الخمر ، فمن أدركتْه هذه الآيةُ ، وعنده شيءٌ ، فلا يشرب ، ولا يبيع " . قال : فاستقبل الناس بما كان عنده منها في طريق المدينة ، فسفكوها .

( الصحيح : 3/1205ح1578 - ك المساقاة ، ب تحريم بيع الخمر . )

قال أبو داود : حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ، ثنا يزيد بن هارون الواسطي ، ثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سكر فاجلدوه ، ثم إن سكر فاجلدوه ، ثم إن سكر فاجلدوه ، فإن عاد الرابعة فاقتلوه " .

( السنن : 4/164ح4484 - ك الحدود ، ب إذا تتابع في شرب الخمر ) ، وأخرجه النسائي ( السنن : 8/314-ك الأشربة ، ب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر ) ، وابن ماجة ( السنن : 2/859ح2572 -ك الحدود ، ب في شرب الخمر مرارا ) ، كلاهما من طريق شبابة ، عن ابن ذئب به . وأخرجه أحمد ( المسند : ح7898 ، 10554 عن يزيد عن ابن أبي ذئب به . والحديث صحيح ، أفاض الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند في تصحيحه ، وذكر شواهده . وصححه كذلك الألباني ( السلسة الصحيحة ح 1360 ) .

وانظر حديث أبي داود عن أبي موسى الأشعري المتقدم تحت الآية رقم ( 219 ) من سورة البقرة .

قال مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لعب بالنردشير ، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه . "

( الصحيح4/1770ح2260- ك الشعر ، ب تحريم اللعب بالنردشير ) .

قال النسائي : أنا محمد بن عبد الرحيم صاعقة ، أنا حجاج بن منهال ، أنا ربيعة ابن كلثوم بن جبير ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار ، شربوا حتى إذا نَهِلوا عبث بعضُهم ببعض ، فلما صحَوْا ، جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته ، فيقول : قد فعل هذا بي أخي - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن- والله لو كان بي رؤوفا رحيما ، ما فعل بي هذا ، فوقعت في قلوبهم الضغائن ، فأنزل الله عز وجل : ( إنما الخمر والميسر ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون ) ، فقال ناسٌ : هي رِجْسٌ ، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر ، وفلان قتل يوم أحد ، فأنزل الله عز وجل ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ) .

( التفسير : 1 / 447 - 448 ح 171 ) ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ( 12 / 56ح 12459 ) ، والطبري في تفسيره : ( 0 1 / 571ح 12522 ) ، والحاكم في المستدرك : ( 4 / 41 1 - 142 ) ، والبيهقي في سننه : ( 8 /285 ~ 286 ) ، كلهم من طريق ربيعة بن كلثوم به مثله . وهذا الإسناد رجاله أئمة ثقات ، إلا أن ربيعة بن كلثوم وأباه في حفظهما شيء ، وقد روى لهما مسلم رحمه الله . ويشهد شطر الحديث الأول حديث سعد بن أبى وقاص عند الإمام مسلم ، وقد تقدم عند الآية ( 90 ) من السورة نفسها ، ويشهد شطره الثاني حديث البراء عند الترمذي وغيره الماضي قبل هذا الحديث مباشرة ، فيكون حديث ابن عباس هذا حسنا إن شاء الله . وقد سكت عنه الحاكم - مع نقل السيوطي عنه أنه صححه ؟ ( الدر المنثور : 3/157 - 158 ) . وقال الذهبي في تلخيص المستدرك : صحيح على شرط مسلم . وقال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، ( مجمع الزوائد : 7 / 8 1 ) .