فأما المؤمنون فقد تلقوا كلمات الله بالتسليم اللائق بمن وثق بربه ، وتأدب معه أدب العبد مع الرب فلم يعد يماري في خبره وقوله . وأما المشركون فتلقفوا هذا العدد بقلوب خاوية من الإيمان ، عارية من التوقير لله ، خالية من الجد في تلقي هذا الأمر العظيم . وراحوا يتهكمون عليه ويسخرون منه ، ويتخذونه موضعا للتندر والمزاح . . . قال قائل منهم : أليس يتكفل كل عشرة منكم بواحد من هؤلاء التسعة عشر ! ? وقال قائل : لا بل اكفوني أنتم أمر اثنين منهم وعلي الباقي أنا أكفيكموهم ! وبمثل هذه الروح المطموسة المغلقة الفاضية تلقوا هذا القول العظيم الكريم .
عندئذ نزلت الآيات التالية تكشف عن حكمة الله في الكشف عن هذا الجانب من الغيب ، وذكر هذا العدد ، وترد علم الغيب إلى الله ، وتقرر ما وراء ذكر سقر وحراسها من غاية ينتهي الموقف إليها :
( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة . وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ، ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ، ويزداد الذين آمنوا إيمانا ، ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ، وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون : ماذا أراد الله بهذا مثلا ? كذلك يضل الله من يشاء ، ويهدي من يشاء ، وما يعلم جنود ربك إلا هو ، وما هي إلا ذكرى للبشر ) . . .
تبدأ الآية بتقرير حقيقة أولئك التسعة عشر الذين تمارى فيهم المشركون :
( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ) . .
فهم من ذلك الخلق المغيب الذي لا يعلم طبيعته وقوته إلا الله ؛ وقد قال لنا عنهم : إنهم ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )فقرر أنهم يطيعون ما يأمرهم به الله ، وأن بهم القدرة على فعل ما يأمرهم . فهم إذن مزودون بالقوة التي يقدرون بها على كل ما يكلفهم الله إياه . فإذا كان قد كلفهم القيام على سقر ، فهم مزودون من قبله سبحانه بالقوة المطلوبة لهذه المهمة ، كما يعلمها الله ، فلا مجال لقهرهم أو مغالبتهم من هؤلاء البشر المضعوفين ! وما كان قولهم عن مغالبتهم إلا وليد الجهل الغليظ بحقيقة خلق الله وتدبيره للأمور .
( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ) . .
فهم الذين يثير ذكر العدد في قلوبهم رغبة الجدل ؛ ولا يعرفون مواضع التسليم ومواضع الجدل . فهذا الأمر الغيبي كله من شأن الله ، وليس لدى البشر عنه من علم كثير ولا قليل ، فإذا أخبر الله عنه خبرا فهو المصدر الوحيد لهذا الطرف من الحقيقة ، وشأن البشر هو تلقي هذا الخبر بالتسليم ، والاطمئنان إلى أن الخير في ذكر هذا الطرف وحده ، بالقدر الذي ذكره ، وأن لا مجال للجدل فيه ، فالإنسان إنما يجادل فيما لديه عنه علم سابق يناقض الخبر الجديد أو يغايره . أما لماذا كانوا تسعة عشر [ أيا كان مدلول هذا العدد ] فهو أمر يعلمه الله الذي ينسق الوجود كله ، ويخلق كل شيء بقدر . وهذا العدد كغيره من الأعداد . والذي يبغي الجدل يمكنه أن يجادل وأن يعترض على أي عدد آخر وعلى أي أمر آخر بنفس الاعتراض . . لماذا كانت السماوات سبعا ? لماذا كان خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار ? لماذا كان حمل الجنين تسعة أشهر ? لماذا تعيش السلاحف آلاف السنين ? لماذا ? لماذا ? لماذا ? والجواب : لأن صاحب الخلق والأمر يريد ويفعل ما يريد ! هذا هو فصل الخطاب في مثل هذه الأمور . .
( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ، ويزداد الذين آمنوا إيمانا ، ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ) . .
فهؤلاء وهؤلاء سيجدون في عدد حراس سقر ما يدعو بعضهم إلى اليقين ويدعو البعض إلى ازدياد الإيمان . فأما الذين أوتوا الكتاب فلا بد أن لديهم شيئا عن هذه الحقيقة ، فإذا سمعوها من القرآن استيقنوا أنه مصدق لما بين يديهم عنها . وأما الذين آمنوا فكل قول من ربهم يزيدهم إيمانا . لأن قلوبهم مفتوحة موصولة تتلقى الحقائق تلقيا مباشرا ؛ وكل حقيقة ترد إليها من عند الله تزيدها أنسا بالله . . وستشعر قلوبهم بحكمة الله في هذا العدد ، وتقديره الدقيق في الخلق ، فتزيد قلوبهم إيمانا . وتثبت هذه الحقيقة في قلوب هؤلاء وهؤلاء فلا يرتابون بعدها فيما يأتيهم من عند الله .
( وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون : ماذا أراد الله بهذا مثلا ? ) . .
وهكذا تترك الحقيقة الواحدة أثرين مختلفين في القلوب المختلفة . . فبينما الذين أوتوا الكتاب يستيقنون ، والذين آمنوا يزيدون إيمانا ، إذا بالذين كفروا وضعاف القلوب المنافقون في حيرة يتساءلون : ( ماذا أراد الله بهذا مثلا ? ) . . فهم لا يدركون حكمة هذا الأمر الغريب . ولا يسلمون بحكمة الله المطلقة في تقدير كل خلق . ولا يطمئنون إلى صدق الخبر والخير الكامن في إخراجه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة . .
( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) . .
كذلك . بذكر الحقائق وعرض الآيات . فتتلقاها القلوب المختلفة تلقيا مختلفا . ويهتدي بها فريق وفق مشيئة الله ؛ ويضل بها فريق حسب مشيئة الله . فكل أمر مرجعه في النهاية إلى إرادة الله المطلقة التي ينتهي إليها كل شيء . وهؤلاء البشر خرجوا من يد القدرة باستعداد مزدوج للهدى وللضلال ؛ فمن اهتدى ومن ضل كلاهما يتصرف داخل حدود المشيئة التي خلقتهم بهذا الاستعداد المزدوج ، ويسرت لهم التصرف في هذا أو ذاك ، في حدود المشيئة الطليقة ، ووفق حكمة الله المكنونة .
وتصور طلاقة المشيئة وانتهاء كل ما يقع في هذا الوجود إليها تصورا كاملا واسع المدلول ، يعفي العقول من الجدل الضيق حول ما يسمونه الجبر والإرادة . وهو الجدل الذي لا ينتهي إلى تصور صحيح ، بسبب أنه يتناول المسألة من زاوية ضيقة ، ويضعها في أشكال محددة نابعة من منطق الإنسان وتجاربه وتصوراته المحدودة ! بينما هو يعالج قضية من قضايا الألوهية غير المحدودة !
لقد كشف الله لنا عن طريق الهدى وطريق الضلال . وحدد لنا نهجا نسلكه فنهتدي ونسعد ونفوز . وبين لنا نهوجا ننحرف إليها فنضل ونشقى ونخسر . ولم يكلفنا أن نعلم وراء ذلك شيئا ، ولم يهبنا القدرة على علم شيء وراء هذا . وقال لنا : إن إرادتي مطلقة وإن مشيئتي نافذة . . فعلينا أن نعالج - بقدر طاقتنا - تصور حقيقة الإرادة المطلقة والمشيئة النافذة . وأن نلتزم النهج الهادئ ونتجنب النهوج المضللة . ولا ننشغل في جدل عقيم حول ما لم نوهب القدرة على إدراك كنهه من الغيب المكنون . ومن ثم ننظر فنرى كل ما أنفقه المتكلمون في مسألة القدر على النحو الذي تكلموا به جهدا ضائعا لا طائل وراءه لأنه في غير ميدانه . .
إننا لا نعلم مشيئة الله المغيبة بنا ، ولكننا نعلم ماذا يطلب الله منا لنستحق فضله الذي كتبه على نفسه . وعلينا إذن أن ننفق طاقتنا في أداء ما كلفنا ، وأن ندع له هو غيب مشيئته فينا . والذي سيكون هو مشيئته ، وعندما يكون سنعرف أن هذه مشيئته لا قبل كونه ! والذي سيكون وراءه حكمة يعرفها العليم بالكل المطلق . . وهو الله وحده . . وهذا هو طريق المؤمن في التصور ومنهجه في التفكر . .
( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) . .
فهي غيب . حقيقتها . ووظيفتها . وقدرتها . . وهو يكشف عما يريد الكشف عنه من أمرها ، وقوله هو الفصلفي شأنها . وليس لقائل بعده أن يجادل أو يماحك أو يحاول معرفة ما لم يكشف الله عنه ، فليس إلى معرفة هذا من سبيل . .
( وهي )إما أن تكون هي جنود ربك ، وإما أن تكون هي سقر ومن عليها . وهي من جنود ربك . وذكرها جاء لينبه ويحذر ؛ لا لتكون موضوعا للجدل والمماحكة ! والقلوب المؤمنة هي التي تتعظ بالذكرى ، فأما القلوب الضالة فتتخذها مماحكة وجدلا !
{ وما جعلنا عدتهم } أي ما أخبرنا بعدتهم هذه إلا{ فتنة } ابتلاء{ للذين كفروا } لاستبعادهم تولى تسعة عشر ملكا تعذيب أكثر الثقلين ، واستهزائهم بذلك وأصله إنكارهم البعث . { ليستيقن الذين أوتوا الكتاب } أي ليكتسب أهل الكتابين اليقين بنبوته صلى الله عليه وسلم القرآن لموافقته لهما في عدتهم . { وما يعلم جنود ربك إلا هو } أي وما يعلم خلائقه الذين منهم هؤلاء الملائكة من حيث العدد والقوة والتسخير إلا هو عز وجل . { ماذا أراد الله بهذا مثلا } أي بهذا العدد المستغرب استغراب المثل . يريدون بذلك نفي أن يكون من عند الله
تعالى . { وما هي إلا ذكرى للبشر } أي وما سفر وصفتها إلا تذكرة وموعظة للناس . أو وما هذه العدة إلا تذكرة وعظة ؛ من جهة أن في خلقه ما هو في غاية العظم والقوة حتى يكفى القليل منهم لإهلاك الكثير الذي لا يحصى .
وما جعلْنا خزنةَ النار إلا ملائكةً تقدَّم وصفُهم بالشِدة والغِلظة ، وما جعلنا عِدَّتَهم تسعةَ عشر إلا فتنةً واختبارا للذين كفروا ، وذلك { لِيَسْتَيْقِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب } .
ليحصل اليقينُ لليهود والنصارى بنبوة محمدٍ لموافقةِ ما جاءَ في القرآن لكتُبهم ، فقد شهِدَ عددٌ من علماءِ اليهود والنصارى آنذاك أن عدَّةَ الخزنة تسعةَ عشر .
{ وَيَزْدَادَ الذين آمنوا إِيمَاناً } .
ولكيَ تطمئن قلوبُهم بذلك ، ولا يشكّ أهلُ التوراة والإنجيل والمؤمنون بالله في حقيقةِ ذلك العدد .
{ وَلِيَقُولَ الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ والكافرون مَاذَآ أَرَادَ الله بهذا مَثَلاً } .
وليقول المنافقون والمشركون الكافرون : ما الذي أراده اللهُ بهذا العدَدِ المستغرَبِ استغرابَ المثل ؟
{ كَذَلِكَ يُضِلُّ الله مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } .
والله تعالى كما أضلَّ المنافقين والمشركين يُضِلُّ مِنْ خلْقه من يشاءُ فيخذُله عن إصابة الحق ، ويهدي من يشاء منهم فيوفّقه إلى الخيرِ والهدى . وما يعلم جنودَ ربّك ومقدارهم إلا هو سبحانَه وتعالى . { وَمَا هِيَ إِلاَّ ذكرى لِلْبَشَرِ } وما سَقَرُ إلا تذكرة للبشَر وتخويفٌ لهم .
{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } الظاهر ملكاً ألا ترى العرب وهم الفصحاء كيف فهموا منه ذلك فقد روى عن ابن عباس أنها لما نزلت عليها تسعة عشر قال أبو جهل لقريش ثكلتكم أمهاتكم أسمع أن ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم فقال له أبو الأشد بن أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد البطش أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين فأنزل الله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا أصحاب النار إِلاَّ ملائكة } أي ما جعلناهم رجالاً من جنسكم يطاقون وأنزل سبحانه في أبي جهل { أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى } [ القيامة : 34 ، 35 ] والظاهر أن المراد بأصحاب النار هم التسعة عشر ففيه وضع الظاهر موضع الضمير وكأن ذلك لما في هذا الظاهر من الإشارة إلى أنهم المدبرون لأمرها القائمون بتعذيب أهلها ما ليس في الضمير وفي ذلك إيذان بأن المراد بسقر النار مطلقاً لا طبقة خاصة منها والجمهور على أن المراد بهم النقباء فمعنى كونهم عليها أنهم يتولون أمرها وإليهم جماع زبانيتها وإلا فقد جاء يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها وذهب بعضهم إلى أن التمييز المحذوف صنف وقيل صف والأصل عليها تسعة عشر صنفاً أو عليها تسعة عشر صفاً ويبعده ما تقدم في رواية الحبر وكذا قوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ } فإن المتبادر أن افتتانهم باستقلالهم لهم واستبعادهم تولى تسعة عشر لتعذيب أكثر الثقلين واستهزائهم بذلك ومع تقدير الصنف أو الصف لا يتسنى ذلك وقال غير واحد في تعليل جعلهم ملائكة ليخالفوا جنس المعذبين فلا يرقوا لهم ولا يستروحوا إليهم ولأنهم أقوى الخلق وأقومهم بحق الله تعالى وبالغضب له سبحانه وأشدهم بأساً وفي الحديث كأن أعينهم البرق وكأن أفواههم الصياصي يجرون أشعارهم لهم مثل قوة الثقلين يقبل أحدهم بالأمة من الناس يسوقهم على رقبته جبل حتى يرمي بهم في النار فيرمي بالجبل عليهم ولا يبعد أن يكون في التنوين إشعار إلى عظم أمرهم ومعنى قوله تعالى وما جعلنا عدتهم إلى آخره على ما اختاره بعض الأجلة وما جعلنا عدد أصحاب النار إلا العدد الذي اقتضى فتنة الذين كفروا بالاستقلال والاستهزاء وهو التسعة عشر فكأن الأصل وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر فعبر بالأثر وهو فتنة الذين كفروا عن المؤثر وهو خصوص التسعة عشر لأنه كما علم السبب في افتتانهم وقيل إلا فتنة للذين بدل إلا تسعة عشر تنبيهاً على أن الأثر هنا لعدم انفكاكه عن مؤثره لتلازمهما كانا كشيء واحد يعبر باسم أحدهما عن الآخر ومعنى جعل عدتهم المطلقة العدة المخصوصة أن يخبر عن عددهم بأنه كذا إذ الجعل لا يتعلق بالعدة إنما يتعلق بالمعدود فالمعنى أخبرنا أن عدتهم تسعة عشر دون غيرها { لِيَسْتَيْقِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب } أي ليكتسبوا اليقين بنبوته صلى الله عليه وسلم وصدق القرآن لأجل موافقة المذكورين ذكرهم في القرآن بهذا العدد وفي الكتابين كذلك وهذا غير جعل الملائكة على العدد المخصوص لأنه إيجاد ولا يصح على ما قال بعض المحققين أن يجعل إيجادهم على الوصف علة للاستيقان المذكور لأنه ليس إلا للموافقة وتكلف بعضهم لتصحيحه بأن الايجاد سبب للإخبار والاخبار سبب للاستيقان فهو سبب بعيد له والشيء كما يسند لسببه البعيد يسند لسببه القريب لكنه كما قال لا يحسن ذلك وإنما احتيج إلى التأويل بالتعبير بالأثر عن المؤثر ولم يبق الكلام على ظاهره لأن الجعل من دواخل المبتدأ والخبر فما يترتب عليه يترتب باعتبار نسبة أحد المفعولين إلى الآخر كقولك جعلت الفضة خاتماً لتزين به وكذلك ما جعلت الفضة إلا خاتماً لكذا ولا معنى لترتب الاستيقان وما بعده على جعل عدتهم فتنة للكفار ولا مدخل لافتتانهم بالعدد المخصوص في ذلك وإنما الذي له مدخل العدة بنفسها أي العدة باعتبار أنها العدة المخصوصة والإخبار بها كما سمعت وليس ذلك تحريفاً لكتاب الله تعالى ولا مبنياً على رعاية مذهب باطل كما توهم ومنهم من تكلف لأمر السببية على الظاهر بما تمجه الاسماع فلا نسود به الرفاع وفي «البحر » ليستيقن مفعول من أجله وهو متعلق بجعلنا لا بفتنة فليست الفتنة معلولة للاستيقان بل المعلول جعل العدة سبب الفتنة وفي الانتصاف يجوز أن يرجع قوله تعالى ليستيقن إلى ما قبل الاستثناء أي جعلنا عدتهم سبباً لفتنة الكفار ويقين المؤمنين وذكر الإمام في ذلك وجهين الثاني ما قدمناه مما اختاره بعض الأجلة والأول أن التقدير وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للكافرين وإلا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب قال وهذا كما يقال فعلت كذا لتعظيمك ولتحقير عدوك فالواو العاطفة قد تذكر في هذا الموضع تارة وقد تحذف أخرى وقال بعض أنه متعلق بمحذوف أي فعلنا ذلك ليستيقن الخ والكل كما ترى وحمل الذين أوتوا الكتاب على أهل الكتابين مما ذهب إليه جمع وقيل المراد بهم اليهود فقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في «البعث » عن البراء أن رهطاً من اليهود سألوا رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم فقال الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم اعلم فجاء فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل عليه ساعتئذ { عليها تسعة عشر } [ المدثر : 30 ] وأخرج الترمذي وابن مردويه عن جابر قال قال ناس من اليهود لا ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم فاخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا وهكذا في مرة عشرة وفي مرة تسعة واستشعر من هذا أن الآية مدنية لأن اليهود إنما كانوا فيها وهو استشعار ضعيف لأن السؤال لصحابي فلعله كان مسافر فاجتمع بيهودي حيث كان وأيضاً لا مانع إذ ذاك من إتيان بعض اليهود نحو مكة المكرمة ثم إن الخبرين لا يعينان حمل الموصول على اليهود كما لا يخفي فالأولى إبقاء التعريف على الجنس وشمول الموصول للفريقين أي ليستيقن أهل الكتاب من اليهود والنصارى { وَيَزْدَادَ الذين ءامَنُواْ إيمانا } أي يزداد إيمانهم كيفية بما رأوا من تسليم أهل الكتاب وتصديقهم أنه كذلك أو كمية بانضمام إيمانهم بذلك إلى أيمانهم بسائر ما أنزل { وَلاَ يَرْتَابَ الذين أوتوْا الكتاب والمؤمنون } تأكيد لما قبله من الاستيقان وازدياد الإيمان ونفي لما قد يعتري المستيقن من شبهة ما للغفلة عن بعض المقدمات أو طريان ما توهم كونه معارضاً في أول وهلة ولما فيه من هذه الزيادة جاز عطفه على المؤكد بالواو لتغايرهما في الجملة وإنما لم ينظم المؤمنون في سلك أهل الكتاب في نفي الارتياب حيث لم يقل ولا يرتابوا للتنبيه على تباين النفيين حالاً فإن انتقاء الارتياب من أهل الكتاب مقارن لما ينافيه من الجحود ومن المؤمنين مقارن لما يقتضيه من الإيمان وكم بينهما وقيل إنما لم يقل ولا يرتابوا بل قيل ولا يرتاب الخ للتنصيص على تأكيد الأمرين لاحتمال عود الضمير في ذلك على المؤمنين فقط والتعبير عن المؤمنين باسم الفاعل بعد ذكرهم بالموصول والصلة الفعلية المنبئة عن الحدوث للإيذان بثباتهم على الإيمان بعد ازديادهم ورسوخهم في ذلك { وَلِيَقُولَ الذين في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي شك أو نفاق فيكون بناء على أن السورة بتمامها مكية والنفاق إنماحدث بالمدينة إخباراً عما سيحدث من المغيبات بعد الهجرة { والكافرون } المصرون على التكذيب { مَاذَا أَرَادَ الله بهذا مَثَلاً } أي أي شيء أراد الله تعالى أو ما الذي أراده الله تعالى بهذا العدد المستغرب استغراب المثل وعلى الأول ماذا منزلة منزلة اسم واحد للاستفهام في موضع نصب بأراد وعلى الثاني هي مؤلفة من كلمة ما اسم استفهام مبتدأ وذا اسم موصول خبره والجملة بعد صلة والعائد فيها محذوف ومثلاً نصب على التمييز أو على الحال كما في قوله تعالى { هذه ناقة الله لكم آية } [ الأعراف : 73 ] والظاهر أن ألفاظ هذه الجملة من المحكي وعنوا بالإشارة التحقير وغرضهم نفي أن يكون ذلك من عند الله عز وجل على أبلغ وجه لا الاستفهام حقيقة عن الحكمة ولا القدح في اشتماله عليها مع اعترافهم بصدور الأخبار بذلك عنه تعالى وجوز أن يكون أراد الله من الحكاية وهم قالوا ماذا أريد ونحوه وقيل يجوز أن يكون المثل بمعناه الآخر وهو ما شبه مضربه بمورده بأن يكونوا قد عدوه لاستغرابه مثلاً مضروباً ونسبوه إليه عز وجل استهزاء وتهكماً وإفراد قوله بهذا التعليل مع كونه من باب فتنتهم قيل للإشعار باستقلاله في الشناعة وفي «الحواشي الشهابية » إنما أعيد اللام فيه للفرق بين العلتين إذ مرجع الأولى الهداية المقصودة بالذات ومرجع هذه الضلال المقصود بالعرض الناشئ من سوء صنيع الضالين وتعليل أفعاله تعالى بالحكم والمصالح جائز عند المحققين وجوز في هذه اللام وكذا الأولى كونها للعاقبة { كَذَلِكَ يُضِلُّ الله مَن يَشَاء } ذلك إشارة إلى ما قبله من معنى الإضلال والهداية ومحل الكاف في الأصل النصب على أنها صفة لمصدر محذوف وأصل التقدير يضل الله من يشاء { وَيَهْدِى مَن يَشَاء } إضلالاً وهداية كائنين مثل ما ذكر من الإضلال والهداية فحذف المصدر وأقيم وصفه مقامه ثم قدم على الفعل لإفادة القصر فصار النظم مثل ذلك الإضلال وتلك الهداية يضل الله تعالى من يشاء إضلاله لصرف اختياره حسب استعداده السيىء إلى جانب الضلال عند مشاهدته لآيات الله تعالى الناطقة بالهدى ويهدي من يشاء هدايته لصرف اختياره حسب استعداده الحسن عند مشاهدة تلك الآيات إلى جانب الهدى لا إضلالاً وهداية أدنى منهما ويجوز أن تكون الإشارة إلى ما بعد كما في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا } [ البقرة : 143 ] على ما حقق في موضعه { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ } جمع جند اشتهر في العسكر اعتباراً بالغلظة من الجند أي الأرض الغليظة التي فيها حجارة ويقال لكل جمع أي وما يعلم جموع خلقه تعالى التي من جملتها الملائكة المذكورون على ما هم عليه { إِلاَّ هُوَ } عز وجل إذ لا سبيل لأحد إلى حصر الممكنات والوقوف على حقائقها وصفاتها ولو إجمالاً فضلاً عن الإطلاع على تفاصيل أحوالها من كم وكيف ونسبة وهو رد لاستهزائهم بكون الخزنة تسعة عشر لجهلهم وجه الحكمة في ذلك وقال مقاتل وهو جواب لقول أبي جهل أما لرب محمد أعوان إلا تسعة عشر وحاصله أنه لما قلل الأعوان أجيب بأنهم لا يحصون كثرة إنما الموكلون على النار هؤلاء المخصوصون لا أن المعنى ما يعلم بقوة بطش الملائكة إلا هو خلافاً للطيبي فإن اللفظ غير ظاهر الدلالة على هذا المعنى واختلف في أكثر جنود الله عز وجل فقيل الملائكة لخبر أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد وفي بعض الأخبار أن مخلوقات البر عشر مخلوقات البحر والمجموع عشر مخلوقات الجو والمجموع عشر ملائكة السماء الدنيا والمجموع عشر ملائكة السماء الثانية وهكذا إلى السماء السابعة والمجموع عشر ملائكة الكرسي والمجموع عشر الملائكة الحافين بالعرش والمجموع أقل قليل بالنسبة إلى ما لا يعلمه إلا الله وقيل المجموع أقل قليل بالنسبة إلى الملائكة المهيمين الذين لا يعلم أحدهم أن الله تعالى خلق أحداً سواه والمجموع أقل قليل بالنسبة إلى ما يعلمه سبحانه من مخلوقاته وعن الأوزاعي قال قال موسى عليه السلام يا رب من معك في السماء قال ملائكتي قال كم عدتهم قال اثنا عشر سبطاً قال كم عدة كل سبط قال عدد التراب وفي صحة هذا نظر وإن صح فصدره من المتشابه وأنا لا أجزم بأكثرية صنف فما يعلم جنود ربك إلا هو ولم يصح عندي نص في ذلك بيد أنه يغلب على الظن أن الأكثر الملائكة عليهم السلام وهذه الآية وأمثالها من الآيات والأخبار تشجع على القول باحتمال أن يكون في الأجرام العلوية جنود من جنود الله تعالى لا يعلم حقائقها وأحوالها إلا هو عز وجل ودائرة ملك الله جل جلاله أعظم من أن يحيط بها نطاق الحصر أو يصل إلى مركزها طائر الفكر فإني وهيهات ولو استغرقت القوى والأوقات هذا واختلف في المخصص لهذا العدد أعني تسعة عشر فقيل إن اختلاف النفوس البشرية في النظر والعمل بسبب القوى الحيوانية الإثنتي عشرة يعني الحواس الخمسة الباطنة والحواس الخمسة الظاهرة والقوة الباعثة كالغضبية والشهوية والقوة المحركة فهذه اثنتا عشرة والطبيعية السبع التي ثلاث منها مخدومة وهي القوة النامية والغادية والمولدة وأربع منها خادمة وهي الهاضمة والجاذبة والدافعة والماسكة وهذا مع ابتنائه على الفلسفة لا يكاد يتم كما لا يخفي على من وقف على كتبها وقيل إن لجهنم سبع دركات ست منها لأصناف الكفار وكل صنف يعذب بترك الاعتقاد والإقرار والعمل أنواعاً من العذاب تناسبها فبضرب الست في الثلاثة يحصل ثمانية عشر وعلى كل نوع ملك أو صنف يتولاه وواحدة لعصاة الأمة يعذبون فيها بترك العمل نوعاً يناسبه ويتولاه ملك أو صنف وبذلك تتم التسعة عشر .
وخصت ست منها بأصناف الكفار وواحدة بأصناف الأمة ولم يجعل تعذيب الكفار في خمس منها فيبق للمؤمنين اثنتان إحداهما لأهل الكبائر والأخرى لأهل الصغائر أو إحداهما للعصاة منهم والأخرى للعاصيات لأنه حيث أعدت النار للكافرين أولاً وبالذات ناسب أن يستغرقوها كلية ويوزعوا على جميع أماكنها بقدر ما يمكن لكن لما تعلقت أرادته سبحانه بتعذيب عصاة الأمة بها أفرزت واحدة منها لهم وقيل إن الساعات أربع وعشرون خمسة منها مصروفة للصلاة فلم يخلق في مقابلتها زبانية لبركة الصلاة الشاملة لمن لم يصل فيبقى تسعة عشر وقيل إن لجهنم سبع دركات ست منها لأصناف الكفار وللاعتناء بأمر عذابهم واستمراره ناسب أن يقوم عليه ثلاثة واحد في الوسط واثنان في الطرفين فهذه ثمانية عشر وواحدة منها لعصاة المؤمنين ناسب أمر عذابهم أن يقوم عليه واحد وبه تتم التسعة عشر وقيل إن العدد على وجهين قليل وهو من الواحد إلى التسعة وكثير وهو من العشرة إلا ما لا نهاية له فجمع بين نهاية القليل وبداية الكثير وقيل غير ذلك والذي مال إليه أكثر العلماء أن ذلك مما لا يعلم حكمته على التحقيق إلا الله عز وجل وهو كالمتشابه يؤمن به ويفوض علمه إلى الله تعالى وكل ما ذكر مما لا يعول عليه كما لا يخفي على من وجه أدنى نظره إليه والله تعالى الهادي لصوب الصواب والمتفضل على من شاء يعلم لا شك معه ولا ارتياب وقرأ أبو جعفر وطلحة بن سليمان تسعة عشر بإسكان العين وهو لغة فيه كراهة توالي الحركات فيما هو كاسم واحد وقرأ أنس بن مالك وابن عباس وابن قطب وإبراهيم بن قتة تسعة بضم التاء وهي حركة بناء عدل إليها عن الفتح لتوالي خمس فتحات ولا يتوهم أنها حركة إعراب وإلا أعرب عشر وقرأ أنس أيضاً تسعة بالضم أعشر بالفتح قال «صاحب اللوامح » فيجوز أنه جمع العشرة على أعشر ثم أجراه مجرى تسعة عشر وعنه أيضاً تسعة وعشر بالضم وقلب الهمزة واواً خالصة تخفيفاً والتاء فيهما مضمومة ضمة بناء لما سمعت آنفاً وعن سليمان بن قتة وهو أخو إبراهيم أنه قرأ تسعة أعشر بضم التاء ضمة إعراب والإضافة إلى أعشر وجره منوناً وهو على ما قال «صاحب اللوامح » جمع عشرة وقد صرح بأن الملائكة على القراءة بهذا الجمع معرباً أو مبنياً تسعون ملكاً وقال الزمخشري جمع عشير مثل يمين وأيمن وروى عنه أنه قال أي تسعة من الملائكة كل واحد منهم عشير فهم مع أشياعهم تسعون والعشير بمعنى العشر فدل على أن النقباء تسعة وتعقب بأن دلالته على هذا المعنى غير واحضة ولهذا قال ابن جنى لا وجه لتلك القراءة إلا أن يعني تسعة أعشر جمع العشير وهم الأصدقاء فليراجع { وَمَا هِىَ } أي سقر كما يقتضيه كلام مجاهد { إِلاَّ ذكرى لِلْبَشَرِ } إلا تذكرة لهم والعطف قيل على قوله تعالى { سأصليه سقر } [ المدثر : 26 ] وما جعلنا أصحاب النار إلى هنا اعتراض ووجهه أنه لما قيل { عليها تسعة عشر } [ المدثر : 30 ] زيادة في تهويل أمر جهنم عقب بما يؤكد قوتهم وتسلطهم وتباينهم بالشدة عن سائر المخلوقات ثم بما يؤكد الكمية وما أكد المؤكد فهو مؤكد أيضاً وقيل الضمير للآيات الناطقة بأحوال سقر وقيل لعدة خزنتها والتذكير والعظة فيها من جهة إن في خلقه تعالى ما هو في غاية العظمة حتى يكون القليل منهم معذباً ومهلكاً لما لا يحصى دلالة على أنه عز وجل لا يقدر حق قدره ولا توصف عظمته ولا تصل الأفكار إلى حرم جلاله وقيل الضمير للجنود وقيل لنار الدنيا وهذا أضعف الأقوال وأقواها على ما قيل ما تقدم وبين البشر ههنا والبشر فيما سبق أعني قوله تعالى { لواحة للبشر } [ المدثر : 29 ] على تفسير الجمهور تجنيس تام لفظي وخطي وقل من تذكر له .
{ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً } وذلك لشدتهم وقوتهم . { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } يحتمل أن المراد : إلا لعذابهم وعقابهم في الآخرة ، ولزيادة نكالهم فيها ، والعذاب يسمى فتنة ، [ كما قال تعالى : { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ } ] ويحتمل أن المراد : أنا ما أخبرناكم بعدتهم ، إلا لنعلم من يصدق ومن يكذب ، ويدل على هذا ما ذكر بعده في قوله : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } فإن أهل الكتاب ، إذا وافق ما عندهم وطابقه ، ازداد يقينهم بالحق ، والمؤمنون كلما أنزل الله آية ، فآمنوا بها وصدقوا ، ازداد إيمانهم ، { وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ } أي : ليزول عنهم الريب والشك ، وهذه مقاصد جليلة ، يعتني بها أولو الألباب ، وهي السعي في اليقين ، وزيادة الإيمان في كل وقت ، وكل مسألة من مسائل الدين ، ودفع الشكوك والأوهام التي تعرض في مقابلة الحق ، فجعل ما أنزله الله على رسوله محصلا لهذه الفوائد{[1285]} الجليلة ، ومميزا للكاذبين من الصادقين ، ولهذا قال : { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } أي : شك وشبهة ونفاق . { وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا } وهذا على وجه الحيرة والشك ، والكفر منهم بآيات الله ، وهذا وذاك من هداية الله لمن يهديه ، وإضلاله لمن يضل ولهذا قال :
{ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } فمن هداه الله ، جعل ما أنزله الله على رسوله رحمة في حقه ، وزيادة في إيمانه ودينه ، ومن أضله ، جعل ما أنزله على رسوله زيادة شقاء عليه وحيرة ، وظلمة في حقه ، والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم ، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم { إلَّا هُوَ } فإذا كنتم جاهلين بجنوده ، وأخبركم بها العليم الخبير ، فعليكم أن تصدقوا خبره ، من غير شك ولا ارتياب ، { وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ } أي : وما هذه الموعظة والتذكار مقصودا به العبث واللعب ، وإنما المقصود به أن يتذكر [ به ] البشر ما ينفعهم فيفعلونه ، وما يضرهم فيتركونه .