أي لم نجعل أصحاب النار رجالا مثلكم فتطمعوا {[71515]} بالتغلب عليهم كما قال أبو جهل لقريش : أفلا {[71516]} يستطيع كل عشرة منكم أن يغلبوا منهم واحدا ؟ ! {[71517]} . فإذا كانت الخزنة ملائكة ، فمن ذا يطيق الملائكة ؟ ! {[71518]} .
- ثم قال : ( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا )
أي : لم نجعلهم {[71519]} تسعة عشر فقط لقلة الملائكة ؛ ولكن جعلناهم {[71520]} كذلك ليتفتتن الذين كفروا ويستقلوا عدتهم ويحدثوا أنفسهم بالتغلي على الخزنة حتى قال [ أبو الأشد الجمحي ] {[71521]} : أنا [ أجهضهم ] {[71522]} [ عن ] {[71523]} النار {[71524]} . وقيل : إن كلدة بن أسيد بن خلف قال : أنا أكفيكم سبعة عشر ، واكفوني اثنين {[71525]} .
- ثم قال تعالى : ( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب )
أي : فعلنا {[71526]} ذلك فيفتتن الذين كفروا [ وليتيقن ] {[71527]} الذين أوتوا التوراة والإنجيل حقيقة ما في كتبهم من الخبر عن عدة خزنة جهنم ، لأنه كذلك عدتهم في التوراة ( والإنجيل ) {[71528]} . هذا معنى قول ابن عباس {[71529]} وغيره . وهو قول مجاهد {[71530]} .
قال {[71531]} قتادة : يصدّق {[71532]} القرآن الكتب التي كانت فبله ، فيها كلها خزنة النار تسعة عشر {[71533]} . وهو قول الضحاك {[71534]} . وقال ابن زيد : ( ليستيقن الذين أوتوا الكتاب . . . )
" أنك رسول الله " {[71535]} .
- ثم قال تعالى : ( ويزداد الذين ءامنوا إيمانا . . . ) .
أي : تصديقا إلى تصديقهم بعدة خزنة جهنم {[71536]} .
- ثم قال : ( ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمومنون . . . ) .
أي : ولا {[71537]} يشك أهل الكتاب [ و ] {[71538]} المؤمنون في حقيقة ذلك {[71539]} .
- ثم قال : ( وليقول الذين في قلوبهم مرض . . )
أي : نفاق {[71540]} .
( والكافرين {[71541]} . . . )
يعني مشركي قريش {[71542]} .
- ( ماذا أراد الله بهذا مثلا )
أي ماذا أراد الله بهذا حين يخوفنا {[71543]} بهؤلاء التسعة عشر .
- قال الله : ( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء )
- أي : كما أضل {[71544]} هؤلاء المنافقين والمشركين القائلين : أي شيء أراد الله بهذا مثلا ؟ ! كذلك يضل الله من يشاء ] {[71545]} من خلقه فيخذله عن إصابة الحق ، و يهدي من يشاء فيوفقه للحق .
- ثم قال تعالى : ( وما يعلم جنود ربك إلا هو . . . )
أي : لا يعلم ( مقدار ) {[71546]} كثرة جنود ربك يا محمد إلا ربك {[71547]} . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : " إن لله ملائكة ترعد فرائصهم مخافة منه ، وإن منهم من لا تقطر {[71548]} من عينيه {[71549]} دمعة إلا وقت ملكا يسبح ، وملائكة سجود منذ خلق الله السماوات لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة ، ومنهم [ ملائكة ] {[71550]} وقوف لم ينصرفوا ولا ينصرفون إلى يوم القيامة . فإذا كان يوم القيامة ، تجلى لهم ربهم-جل ذكره- فقالوا : سبحانك ! ما عبدناك حق عبادتك ! " {[71551]} .
وقال كعب : إن لله عز وجل ملائكة من يوم خلقهم قياما ، [ ما ] {[71552]} ثنوا أصلابهم ، وآخرين ركوعا {[71553]} ، ما رفعوا أصلابهم {[71554]} ، وآخرين [ سجودا ] {[71555]} ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة فيقولون جميعا : سبحانك ! ما عبدناك كما ينبغي أن تعبد . ثم قال كعب : والله ، لو أن رجلا عمَل عمَل سبعين نبيا ، [ لاستقَل ] {[71556]} عمله يوم القيامة من شدة ما يرى يومئذ . والله لو دلي من [ غسلين ] {[71557]} دلو واحد من مطلع الشمس ، لغلتنه جماجم قوم في مغربها . والله ، [ لتزفرن ] {[71558]} جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب إلا خر جاثيا على ركبتيه .
وروى ابن المبارك {[71559]} حديثا-رفعه- أن ملكا سجد لما استوى الرب [ تعالى ] {[71560]} على عرشه ، فلم يرفع رأسه [ و ] {[71561]} لا يرفعه إلى يوم القيامة ، فيقول يوم القيامة : لم أعبدك حق عبادتك ، إلا أني لم أشرك بك شيئا ، ولم أتخذ من دونك وليا {[71562]} .
وقد وصفهم الله في كتابه فقال {[71563]} : ( يسبحون الليل النهار لا يفترون ) {[71564]} .
قال كعب : التسبيح للملائكة بمنزلة بمنزلة النفس لبني آدم ، ألهموا التسبيح كما ألهمتهم الطرف والنفس {[71565]} .
- ثم قال تعالى : ( وما هي إلا ذكرى للبشر )
يعني النار {[71566]} التي وصفها . يقول : ليس ما وصفتها به من تغييرها للبشر وعدة خزنتها إلا عظة {[71567]} وعبرة للناس يتعظون بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.