بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَا جَعَلۡنَآ أَصۡحَٰبَ ٱلنَّارِ إِلَّا مَلَـٰٓئِكَةٗۖ وَمَا جَعَلۡنَا عِدَّتَهُمۡ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيَسۡتَيۡقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَيَزۡدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا وَلَا يَرۡتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡكَٰفِرُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَمَا يَعۡلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡبَشَرِ} (31)

فلما نزلت هذه الآية قال الوليد بن المغيرة لعنه الله : أنا أكفيكم خمسة وكل ابن لي يكفي واحداً منهم وسائر أهل مكة يكفي أربعة منهم وقال رجل من المشركين وكان له قوة وأنا أكفيكموهم وحدي أدفع عشرة بمنكبي هذا وتسعة بمنكبي الأيسر فألقيهم في النار حتى يحترقوا وتجوزون حتى تدخلون الجنة فنزلت هذه الآية { وَمَا جَعَلْنَا أصحاب النار إلا مَلَائِكَةٌ } يعني : ما سلطنا أعوان النار إلا ملائكة زبانية غلاظ شداد لا يغلبهم أحد { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ } يعني : ما ذكرنا قلة عددهم وهم تسعة عشر { إِلاَّ فِتْنَةً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني : بلية لهم { لِيَسْتَيْقِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب } وذلك أن أهل الكتاب وجدوا في كتابهم أن مالكاً رئيسهم وثمانية عشر من الرؤساء فبين لهم أنما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم يقوله : بالوحي { وَيَزْدَادَ الذين آمَنُواْ إيمانا } يعني : تصديقاً وعلماً { وَلاَ يَرْتَابَ الذين أُوتُواْ الكتاب } يعني : يعلموا أنه حق وعدتهم كذلك { والمؤمنون } أيضاً لا يشكون في ذلك { وَلِيَقُولَ الذين في قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني : المنافقين { والكافرون } يعني : المشركين { مَاذَا أَرَادَ الله بهذا مَثَلاً } يعني : بذكر خزنة جهنم تسعة عشر .

يقول الله تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ الله مَن يَشَاء } يعني : يخذله ولا يؤمن به أمناً له { وَيَهْدِي مَن يَشَاء } يعني : يوفقه لذلك . { وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ } يعني : من يعلم قوة جنود ربك وكثرتها إلا هو يعني : الله تعالى ويقال : وما يعلم يعني : لا يعلم عدد جموع ربك إلا الله تعالى : { وَمَا هِي إِلاَّ ذكرى لِلْبَشَرِ } يعني : الدلائل والحجج في القرآن ويقال : ما هي يعني : القرآن ويقال : وما هي يعني : سقر إلا ذكرى للبشر يعني : عظه للخلق .