في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

62

( وأشرقت الأرض بنور ربها ) . .

أرض الساحة التي يتم فيها الاستعراض . ونور ربها الذي لا نور غيره في هذا المقام . .

( ووضع الكتاب ) . . الحافظ لأعمال العباد . .

( وجيء بالنبيين والشهداء ) . . ليقولوا كلمة الحق التي يعلمون . . وطوي كل خصام وجدال - في هذ المشهد - تنسيقاً لجوه مع الجلال والخشوع الذي يسود الموقف العام :

( وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون . ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون ) . .

فلا حاجة إلى كلمة تقال ، ولا إلى صوت واحد يرتفع .

ومن ثم تجمل وتطوى عملية الحساب والسؤال والجواب التي تعرض في مشاهد أخرى . لأن المقام هنا مقام روعة وجلال .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

{ ووضع الكتاب } أي صحائف الأعمال في أيدي أصحابها ؛ فخذ بيمينه وآخذ بشماله .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

وأشرقت الأرض : أضاءت بنور الله وعدله .

ووضع الكتاب : وهو صحائف الأعمال .

بالحق : بالعدل .

وأشرقت أرض المحشر بنور الله ، ووُضع الكتاب الذي سُجلت فيه أعمالهم ، وجيء بالأنبياء والعدول ليشهدوا على الخلق .

وفصل اللهُ بين الخلق بالعدل ، فهم لا يُظلمون بنقص ثوابٍ أو زيادة عقاب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

{ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } علم من هذا ، أن الأنوار الموجودة تذهب يوم القيامة وتضحمل ، وهو كذلك ، فإن اللّه أخبر أن الشمس تكور ، والقمر يخسف ، والنجوم تندثر ، ويكون الناس في ظلمة ، فتشرق عند ذلك الأرض بنور ربها ، عندما يتجلى وينزل للفصل بينهم ، وذلك اليوم يجعل اللّه للخلق قوة ، وينشئهم نشأة يَقْوَوْنَ على أن لا يحرقهم نوره ، ويتمكنون أيضا من رؤيته ، وإلا ، فنوره تعالى عظيم ، لو كشفه ، لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه .

{ وَوُضِعَ الْكِتَابُ } أي : كتاب الأعمال وديوانه ، وضع ونشر ، ليقرأ ما فيه من الحسنات والسيئات ، كما قال تعالى : { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } ويقال للعامل من تمام العدل والإنصاف : { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا }

{ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ } ليسألوا عن التبليغ ، وعن أممهم ، ويشهدوا عليهم . { س وَالشُّهَدَاءِ } من الملائكة ، والأعضاء والأرض . { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ } أي : العدل التام والقسط العظيم ، لأنه حساب صادر ممن لا يظلم مثقال ذرة ، ومن هو محيط بكل شيء ، وكتابه الذي هو اللوح المحفوظ ، محيط بكل ما عملوه ، والحفظة الكرام ، والذين لا يعصون ربهم ، قد كتبت عليهم ما عملوه ، وأعدل الشهداء قد شهدوا على ذلك الحكم ، فحكم بذلك من يعلم مقادير الأعمال ومقادير استحقاقها للثواب والعقاب .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

{ وأشرقت الأرض } ألبست الإشراق عرصات القيامة { بنور ربها } وهو نور يخلقه الله في القيامة يلبسه وجه الأرض { ووضع الكتاب } أي الكتب التي فيها أعمال بني آدم { وجيء بالنبيين والشهداء } الذين يشهدون للرسل بالتبليغ

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

قوله تعالى : " وأشرقت الأرض بنور ربها " إشراقها إضاءتها ، يقال : أشرقت الشمس إذا أضاءت وشرقت إذا طلعت . ومعنى : " بنور ربها " بعدل ربها . قاله الحسن وغيره . وقال الضحاك : بحكم ربها ، والمعنى واحد . أي أنارت وأضاءت بعدل الله وقضائه بالحق بين عباده . والظلم ظلمات والعدل نور . وقيل : إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق الأرض به . وقال ابن عباس : النور المذكور ها هنا ليس من نور الشمس والقمر ، بل هو نور يخلقه الله فيضيء به الأرض . وروي أن الأرض يومئذ من فضة تشرق بنور الله تعالى حين يأتي لفصل القضاء . والمعنى أنها أشرقت بنور خلقه الله تعالى ، فأضاف النور إليه على حد إضافة الملك إلى المالك . وقيل : إنه اليوم الذي يقضي فيه بين خلقه ؛ لأنه نهار لا ليل معه . وقرأ ابن عباس وعبيد بن عمير : " وأشرقت الأرض " على ما لم يسم فاعله وهي قراءة على التفسير . وقد ضل قوم ها هنا فتوهموا أن الله عز وجل من جنس النور والضياء المحسوس ، وهو متعال عن مشابهة{[13344]} المحسوسات ، بل هو منور السماوات والأرض ، فمنه كل نور خلقا وإنشاء . وقال أبو جعفر النحاس : وقوله عز وجل : " وأشرقت الأرض بنور ربها " يبين هذا الحديث المرفوع من طرق كثيرة صحاح ( تنظرون إلى الله عز وجل لا تضامون في رؤيته ) وهو يروى على أربعة أوجه : لا تضامون ولا تضارون ولا تضامون ولا تضارون ، فمعنى ( لا تضامُون ) لا يلحقكم ضيم كما يلحقكم في الدنيا في النظر إلى الملوك . و( لا تضارُون ) لا يلحقكم ضير . و( لا تضامُّون ) لا ينضم بعضكم إلى بعض ليسأله أن يريه . و( لا تضارُّون ) لا يخالف بعضكم بعضا . يقال : ضاره مضارة وضرارا أي خالفه .

قوله تعالى : " ووضع الكتاب " قال ابن عباس : يريد اللوح المحفوظ . وقال قتادة : يريد الكتاب والصحف التي فيها أعمال بني آدم ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله . " وجيء بالنبيين " أي جيء بهم فسألهم عما أجابتهم به أممهم . " والشهداء " الذين شهدوا على الأمم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ كما قال تعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " [ البقرة : 143 ] . وقيل : المراد بالشهداء الذي استشهدوا في سبيل الله ، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله . قاله السدي . قال ابن زيد : هم الحفظة الذين يشهدون على الناس بأعمالهم . قال الله تعالى : " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " [ ق : 21 ] فالسائق يسوقها إلى الحساب والشهيد يشهد عليها ، وهو الملك الموكل بالإنسان على ما يأتي بيانه في " ق " {[13345]} . " وقضي بينهم بالحق " أي بالصدق والعدل . " وهم لا يظلمون " قال سعيد بن جبير : لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم .


[13344]:في الأصول: مباينة المحسوسات وهو تحريف.
[13345]:آية 21 من السورة المذكورة.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

{ ووضع الكتاب } : يعني صحائف الأعمال وإنما وحدها لأنه أراد الجنس وقيل : هو اللوح المحفوظ .

{ وجيء بالنبيين } ليشهدوا على قومهم { والشهداء } يحتمل أن يكون جمع شاهد أو جمع شهيد في سبيل الله والأول أرجح لأن فيه الوعيد معنى ولأنه أليق بذكر الأنبياء الشاهدين والمراد على هذا أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم يشهدون على الناس وقيل : يعني الملائكة الحفظة .

{ وقضي بينهم } الضمير لجميع الخلق .