التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

والمراد بالأرض فى قوله - تعالى - : بعد ذلك : { وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبِّهَا . . . } أرض المحشر .

وأصل الإِشراق : الإِضاءة . يقال : أشرقت الشمس إذا أضاءت ، وشرقت : إذا طلعت .

قال ابن كثير : وقوله : { وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبِّهَا } أى : أضاءت - الأرض - يوم القيامة ، إذا تجلى الحق - تبارك وتعالى - للخلائق لفصل القضاء .

والمراد بالكتاب فى قوله - تعالى - : { وَوُضِعَ الكتاب } صحائف الأعمال التى تكون فى أيدى أصحابها .

فالمراد بالكتاب جنسه ، أى : أعطى كل واحد كتابه إما بيمينه . وإما بشماله . وقيل المراد بالكتاب هنا : اللوح المحفوظ الذى فيه أعمال الخلق .

{ وَجِيءَ بالنبيين والشهدآء } أى : وبعد أن أعطى كل إنسان صحائف أعماله جئ بالنبيين لكى يشهدوا على أممهم أنهم بلغوهم ما كلفهم الله بتبليغه إليهم ، وجئ بالشهداء وهم الملائكة الذين يسجلون على الناس أعمالهم من خير وشر ، كما قال - تعالى - :

{ وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } وقيل المراد بهم : من استشهدوا فى سبيل الله .

ثم بين - سبحانه - مظاهر عدالته فى جمل حكيمة فقال : { وَقُضِيَ بَيْنَهُم بالحق } أى : وقضى - سبحانه - بين الجميع بقضائه العادل { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } أى : نوع من الظلم .