تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

67

المفردات :

أشرقت : أضاءت ، وشرقت طلعت .

بنور ربها : بما يقيمه في الأرض من الحق والعدل .

الكتاب : صحائف الأعمال .

بالحق : بالعدل .

التفسير :

69- { وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون } .

أشرقت أرض المحشر بنور عدل الله تعالى ، وعظيم بهائه وسلطانه .

{ ووضع الكتاب . . . } .

أي : وضعت صحائف أعمال العباد بين يديه ، وقد سجل فيها الحسنات والسيئات ، فالسعداء يأخذون كتبهم باليمين ، والأشقياء يأخذون كتبهم بالشمال .

قال تعالى : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } . ( الإسراء : 13 ، 14 ) .

{ وجيء بالنبيين والشهداء . . . } .

يجمع الله الرسل أجمعين إلى موقف الحشر ، فيسألهم : بماذا أجابتكم أممكم ؟ قال تعالى : { يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم . . . } ( المائدة : 109 ) .

وجيء أيضا بالشهود الذين يشهدون على الأمم من الملائكة الحفظة التي تقيّد أعمال العباد . قال تعالى : { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } . ( ق : 21 ) .

أي : سائق يسوقها للحساب ، وشاهد يشهد عليها .

وكذلك يجاء بالشهداء المؤمنين الذي استشهدوا في سبيل الله ، فيشهدون يوم القيامة بالبلاغ على من بلّغوه فكذّب بالحق ، كما ذكر ذلك القرطبي في تفسيره .

لقد أفادت الآية أن الأرض تحولت إلى ساحة للقضاء ، تجلّى فيها نور الجبار سبحانه وتعالى ، ووزّع على كل إنسان كتابه ، وفيه صحائف أعماله ، ثم قال تعالى : { وقضي بينهم . . . } وقُضِيَ بين العباد بالعدل والصدق .

{ وهم لا يظلمون } .

أي : لا يبخس من ثوابهم ، ولا يزاد في عقابهم ، بل يكون الجزاء عادلا ، من عند الإله العادل .

قال تعالى : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما } . ( النساء : 40 ) .

وقال تعالى : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين } . ( الأنبياء : 47 ) .