السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَشۡرَقَتِ ٱلۡأَرۡضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ وَجِاْيٓءَ بِٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (69)

ولما ذكر تعالى إقامتهم بالحياة التي هي نور البدن أتبعه بنور أرض القيامة فقال :

{ وأشرقت } أي : أضاءت إضاءة عظيمة مالت بها إلى الحمرة { الأرض } أي : التي أوجدت لحشرهم وليست بأرضنا الآن لقوله تعالى : { يوم تُبدّل الأرض غير الأرض } ( إبراهيم : 48 ) . { بنور ربها } أي : خالقها وذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه قال صلى الله عليه وسلم : «سترون ربكم » وقال : «كما لا تضارون في الشمس في يوم الصحو » وقال الحسن والسدي : بعدل ربها . { ووضع الكتاب } أي : كتاب الأعمال للحساب لقوله تعالى : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً } ( الإسراء : 13 ) وقوله تعالى : { مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } ( الكهف : 49 ) وقيل : الكتاب اللوح المحفوظ تقابل به الصحف ، وقيل : الكتاب الذي أنزل إلى كل أمة تعمل به ، واقتصر على هذا البقاعي . { وجيء بالنبيين } أي : للشهادة على أممهم واختلف في قوله تعالى : { والشهداء } فقال ابن عباس : يعني الذين يشهدون للرسل بتبليغ الرسالة وهم : محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه لقوله تعالى : { جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس } ( البقرة : 143 ) وقال عطاء ومقاتل : يعني الحفظة لقوله تعالى : { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } ( ق : 21 ) وقيل : هم المستشهدون في سبيل الله .