ثم قال تعالى ذكره : { وأشرقت الأرض بنور ربها } ، أي : أضاءت .
يقال : أشرقت الشمس إذا أضاءت وَصَفَت ، وشَرَقَت إذا طلعت .
وذلك حين يجيء الرحمان لفصل القضاء بين خلقه .
وروي أن الأرض يومئذ أرض من فضة تضيء وتشرق بنور ربها لا بشمس ولا بقمر .
والمعنى : أضاءت الأرض بنور ( خلقه الله ){[59281]} .
فإضافة النور إليه تعالى على طريق خلقه له مثل قوله : { هذا خلق الله } تبارك وتعالى .
وقيل : معناه : أشرقت بعد الله عز وجل وحُكمه الحق تبارك وتعالى لأن له نورا كنور الشمس وضياء القمر ، هو أعظم وأجل من ذلك ، ليس كمثله شيء . وهذا كقوله عز وجل : { الله نور السموات والأرض }{[59282]} أي : بِهُدَاه يهتدي أهل السماوات والأرض . لم يُرِدِ النور الذي هو الضياء ، ولو كان ذلك ، لم يوجد ظلام لأنه باق في الليل والنهار .
وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ينظرون إلى الله سبحانه لا تضامون في رؤيته " {[59283]} .
وقد اختلف في هذه اللفظة على أربعة أوجه :
- لا تُضامون – مُخَفَّقا - ، أي : لا يلحقكم ضيم كما يلحق في الدنيا في النظر إلى الملوك .
- والوجه الثاني : لا تضامُّون – مشددا - ، أي : لا ينضم بعضكم لبعض{[59284]} ليسأله أن يريه إياه .
- والوجه الثالث : ( لا تُضارُون ){[59285]} – مخففا - ، أي : لا يلحقكم ضير في رؤيته ، من ضارَه يضيره .
- والوجه الرابع : ( لا تُضارُّون ){[59286]} – مشددا - ، أي : لا يخالف بعضكم بعضا{[59287]} في صحة رؤيته . يقال : ضاررته مضارة ، أي : خالفته{[59288]} .
ثم قال تعالى ذكره : { ووضع الكتاب } يعني : كتاب أعمال العباد وحسابهم .
وقيل : هو اللوح المحفوظ{[59289]} .
{ وجيء بالنبيين والشهداء } أي : جيء بالنبيين ليسألهم{[59290]} ربهم عما أجابت به ]{[59291]} أممهم وردت عليهم في الدنيا .
والشهداء ، يعني : الذين يشهدون على الأمم . وهو قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي : عدلا { لتكونوا شهداء على الناس }{[59292]} .
وقيل : عنى بالشهداء هنا : الذي قتلوا في سبيل الله{[59293]} . والأول ( أولى وأبين ){[59294]} .
وقال السدي : الشهداء : الذين استشهدوا في طاعة الله عز وجل{[59295]} .
وقال ابن زيد : هم الحفظة يشهدون على الناس بأعمالهم{[59296]} .
وقوله : { وقضي بينهم بالحق } ، أي : قضى / بين النبيئين وأممهم بالحق ، فلا يحمل أحد ذنب أحد ، ولا يظلم أحد فينقص من عمله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.