في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

وفي ظلال هذا المشهد كذلك يتوجه بالتثبيت للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] تجاه جدلهم وتكذيبهم في هذه الحقيقة الواضحة المشهودة بعين الضمير :

( نحن أعلم بما يقولون . وما أنت عليهم بجبار . فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) . .

( نحن أعلم بما يقولون ) . . وهذا حسبك . فللعلم عواقبه عليهم . . وهو تهديد مخيف ملفوف .

( وما أنت عليهم بجبار ) . . فترغمهم على الإيمان والتصديق . فالأمر في هذا ليس إليك . إنما هو لنا نحن ، ونحن عليهم رقباء وبهم موكلون . .

( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) . . والقرآن يهز القلوب ويزلزلها فلا يثبت له قلب يعي ويخاف ما يواجهه به من حقائق ترجف لها القلوب . على ذلك النحو العجيب .

وحين تعرض مثل هذه السورة ، فإنها لا تحتاج إلى جبار يلوي الأعناق على الإيمان . ففيها من القوة والسلطان ما لا يملكه الجبارون . وفيها من الإيقاعات على القلب البشري ما هو أشد من سياط الجبارين ! وصدق الله العظيم . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

بجبّار : بمسيطر ومسلَّط ، إنما أنت داعٍ ومنذر .

ثم يخاطب الرسولَ الكريم مسلياً له بقوله : { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } فاتركهم إلينا ، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } ولا مسيطِر حتى تجبرهم على الإيمان .

ما عليك إلا البلاغ ، ولذلك { فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ } .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

قوله تعالى : { نحن أعلم بما يقولون } يعني : كفار مكة في تكذيبك ، { وما أنت عليهم بجبار } بمسلط تجبرهم على الإسلام إنما بعثت مذكراً ، { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } أي : ما أوعدت به من عصاني من العذاب . قال ابن عباس : قالوا : يا رسول الله لو خوفتنا ، فنزلت : { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{نحن أعلم بما يقولون} في السر مما يكره النبي صلى الله عليه وسلم، يعني كفار مكة {وما أنت عليهم} يا محمد {بجبار} يعني بمسلط فتقتلهم {فذكر} يعني فعظ أهل مكة {بالقرآن}... {من يخاف وعيد} وعيدي عذابي في الآخرة، فيحذر المعاصي...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فِريتهم على الله، وتكذيبهم بآياته، وإنكارهم قُدرة الله على البعث بعد الموت." وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّارٍ "يقول: وما أنت عليهم بمسلط... عن مجاهد "وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّارٍ" قال: لا تتجبر عليهم...

وقيل: إن معنى قوله: "وَما أنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّارٍ" لم تُبعث لتجْبُرَهم على الإسلام، إنما بعثت مذكّرا، فذكّر...

وقوله: "فَذَكّرْ بالقُرآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ" يقول تعالى ذكره: فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبّار} يقول، والله أعلم: {فاصبر على ما يقولون} {نحن أعلم بما يقولون} فنُكافئهم. أو يقول: عن علم بذلك نتركهم على ذلك، ونُمهلُهم؛ يصبّر رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك ليتسلّى به بعض ما يُحزن قلبه...

{وما أنت عليهم بجبّار} قال بعضهم: من الجبر والقهر، أي ما أنت بقاهر عليهم وجبّار، تُجبرهم على التوحيد. وقال بعضهم: من التجبُّر والتكبّر، والجبّار، هو الذي يقتل بلا ذنب ولا حق... {فذكّر بالقرآن من يخاف وعيدِ} أي بلّغ ما أُنزل إليك، فعليك التبليغ، وأنا المجازي لهم والمكافئ بما يفعلون. ثم لم يخصّ بالتذكير من يخاف الوعيد، لكن أمر بتذكير الكل لأن منفعة الذكرى تكون لمن يخاف الوعيد، لا لمن لا يخاف الوعيد. فلذلك خصّه بالذكر، لكن التخصيص بالذكر لا يكون تخصيصا بالحُكم ونفيا عن غيره...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} تهديد لهم وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم {بِجَبَّارٍ} كقوله تعالى: {بِمُسَيْطِرٍ} [الغاشية: 22] حتى تقسرهم على الإيمان، إنما أنت داع وباعث...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

{فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}: لأن من لا يخاف الوعيد لكونه غير مصدّق بوقوعه لا يذكر، إذ لا تنفع فيه الذكرى،...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{نحن} أي لا غيرنا ولا هم أنفسهم {أعلم} أي من كل من يتوهم فيه العلم {بما يقولون} أي في الحال والاستقبال من التكذيب بالبعث وغيره مع إقرارهم بقدرتنا... {وما أنت عليهم} ولما أفاد حرف الاستعلاء القهر والغلبة صرح به مؤكداً في النفي فقال: {بجبار} أي متكبر قهار عات تردهم قهراً عما تكره منهم من الأقوال والأفعال، إنما أنت منذر، ولما نفى عنه الجبروت، أثبت لهم ما أفهمه واو العطف من النذارة كما قدرته قبله، فقال مسبباً عنه معبراً بالتذكير الذي يكون عن نسيان لأن كل ما في القرآن من وعظ إذا تأمله الإنسان وجده شاهداً في نفسه أو فيما يعرفه من الآفاق {فذكر} أي بطريق البشارة والنذارة {بالقرآن} أي الجامع بمجده لكل خير المحيط كل صلاح {من يخاف وعيد} أي يمكن خوفه، وهو كل عاقل...وهذا هو المجد للقرآن ولمن أنزله ولمن أتى به عنه بتمام قدرة من هو صفته وشمول علمه، فقد انعطف هذا الآخر على ذلك- الأول أشد انعطاف، والتفت فروعه بأصله أتم التفاف، فاعترفت به أولو- براعة وأهل الإنصاف والاتصاف- بالتقدم في كل صناعة بالسبق الذي لا يمكن لحاقه أيّ اعتراف...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(نحن أعلم بما يقولون).. وهذا حسبك. فللعلم عواقبه عليهم.. وهو تهديد مخيف ملفوف. (وما أنت عليهم بجبار).. فترغمهم على الإيمان والتصديق. فالأمر في هذا ليس إليك. إنما هو لنا نحن، ونحن عليهم رقباء وبهم موكلون.. (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد).. والقرآن يهز القلوب ويزلزلها فلا يثبت له قلب يعي ويخاف ما يواجهه به من حقائق ترجف لها القلوب. على ذلك النحو العجيب. وحين تعرض مثل هذه السورة، فإنها لا تحتاج إلى جبار يلوي الأعناق على الإيمان. ففيها من القوة والسلطان ما لا يملكه الجبارون. وفيها من الإيقاعات على القلب البشري ما هو أشد من سياط الجبارين! وصدق الله العظيم...

.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

قوله تعالى : " نحن أعلم بما يقولون " أي من تكذيبك وشتمك . " وما أنت عليهم بجبار " أي بمسلط تجبرهم على الإسلام ، فتكون الآية منسوخة بالأمر بالقتال . والجبار من الجبرية والتسلط إذ لا يقال جبار بمعنى مجبر ، كما لا يقال خراج بمعنى مخرج ، حكاه القشيري . النحاس : وقيل معنى جبار لست تجبرهم ، وهو خطأ ؛ لأنه لا يكون فعال من أفعل . وحكى الثعلبي : وقال ثعلب قد جاءت أحرف فَعَّال بمعنى مُفْعِل وهي شاذة ، جبار بمعنى مجبر ، ودراك بمعنى مدرك ، وسراع بمعنى مسرع ، وبكاء بمعنى مبك ، وعداء بمعنى معد . وقد قرئ " وما أهديكم إلا سبيل الرشاد{[14191]} " [ غافر : 29 ] بتشديد الشين بمعنى المرشد وهو موسى . وقيل : هو الله . وكذلك قرئ " أما السفينة فكانت لمساكين{[14192]} " [ الكهف : 79 ] يعني ممسكين . وقال أبو حامد الخارزنجي{[14193]} : تقول العرب : سيف سَقَّاط بمعنى مسقط . وقيل : " بجبار " بمسيطر كما في الغاشية{[14194]} " لست عليهم بمصيطر " [ الغاشية : 21 ] . وقال الفراء : سمعت من العرب من يقول جبره على الأمر أي قهره ، فالجبار من هذه اللغة بمعنى القهر صحيح . قيل : الجبار من قولهم جبرته على الأمر أي أجبرته وهي لغة كنانية وهما لغتان . الجوهري : وأجبرته على الأمر أكرهته عليه ، وأجبرته أيضا نسبته إلى الجبر ، كما تقول أكفرته إذا نسبته إلى الكفر{[14195]} . " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " قال ابن عباس : قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت : " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " أي ما أعددته لمن عصاني من العذاب ، فالوعيد العذاب والوعد الثواب ، قال الشاعر :

وإني وإن أَوْعَدْتُه أو وَعَدْتُه *** لمُخْلِفٌ إيعادي ومنجزٌ مَوْعِدِي

وكان قتادة يقول : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعدك . وأثبت الياء في " وعيدي " يعقوب في الحالين ، وأثبتها ورش في الوصل دون الوقف ، وحذف الباقون في الحالين . والله أعلم . تم تفسير سورة " ق " والحمد لله .


[14191]:راجع جـ 15 ص 310.
[14192]:راجع جـ 11 ص 34.
[14193]:الخارزنجي: نسبة إلى خرزنج قرية بنواحي نيسابور.
[14194]:راجع جـ 20 ص 37.
[14195]:الزيادة من الصحاح الجوهري.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

{ وما أنت عليهم بجبار } أي : بقهار تقهرهم على الإيمان كقوله : { لست عليهم بمصيطر } [ الغاشية : 22 ] وقيل : إخبار بأنه صلى الله عليه وسلم رؤوف بهم غير جبار عليهم وهذا أظهر . { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } كقوله : { إنما تنذر الذين يخشون ربهم } [ فاطر : 18 ] لأنه لا ينفع التذكير إلا من يخاف .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

ولما أقام سبحانه الأدلة على تمام قدرته وشمول علمه وختم بسهولته عليه واختصاصه به ، وصل تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بتهديدهم على تكذيبهم بالعلم الذي هو أعظم التهديد فقال : { نحن } أي لا غيرنا ولا هم أنفسهم { أعلم } أي من كل من يتوهم فيه العلم { بما يقولون } أي في الحال والاستقبال من التكذيب بالبعث وغيره مع إقرارهم بقدرتنا .

ولما كان التقدير : فنحن قادرون على ردهم عنه بما لنا من العلم المحيط وأنت لهم منذير تنذرهم وبال ذلك ، عطف عليه قوله : { وما أنت عليهم } ولما أفاد حرف الاستعلاء القهر والغلبة صرح به مؤكداً في النفي فقال : { بجبار } أي متكبر قهار عات تردهم قهراً عما تكره منهم من الأقوال والأفعال ، إنما أنت منذر ، ولما نفى عنه الجبروت ، أثبت لهم ما أفهمه واو العطف من النذارة كما قدرته قبله ، فقال مسبباً عنه معبراً بالتذكير الذي يكون عن نسيان لأن كل ما في القرآن من وعظ إذا تأمله الإنسان وجده شاهداً في نفسه أو فيما يعرفه من الآفاق { فذكر } أي بطريق البشارة والنذارة { بالقرآن } أي الجامع بمجده لكل خير المحيط كل صلاح { من يخاف وعيد * } أي يمكن خوفه ، وهو كل عاقل ، ولكنه ساقه هكذا إعلاماً بأن الذي يخاف بالفعل فيكشف الحال عن إسلامه هو المقصود بالذات ، وغيره إنما يقصد لإقامة الحجة عليه لا لدده ولا يؤسف عليه ولا يتأثر بتكذيبه بل يعتقد أنه عدم لا تضر عداوته ولا تنفع ولايته ، وما آذى إلا نفسه وكل من والاه في الدنيا والآخرة ، وهذا هو المجد للقرآن ولمن أنزله ولمن أتى به عنه بتمام قدرة من هو صفته وشمول علمه ، فقد انعطف هذا الآخر على ذلك-{[61267]} الأول أشد انعطاف ، والتفت فروعه بأصله أتم{[61268]} التفاف ، فاعترفت به أولو-{[61269]} براعة وأهل الإنصاف والاتصاف-{[61270]} بالتقدم في كل صناعة بالسبق الذي لا يمكن لحاقه أيّ اعتراف-{[61271]} . والله الهادي للصواب .


[61267]:زيد من مد.
[61268]:في مد: أي.
[61269]:زيد من مد.
[61270]:زيد من مد.
[61271]:في الأصل ومد: اعترافه.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45)

{ نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد }

{ نحن أعلم بما يقولون } أي كفار قريش { وما أنت عليهم بجبار } تجبرهم على الإيمان وهذا قبل الأمر بالجهاد { فذكِّر بالقرآن من يخاف وعيد } وهم المؤمنون .