في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

ويتصل بتلك الحقيقة الأولى أن حملة العرش ومن حوله - وهم من بين القوى المؤمنة في هذا الوجود - يذكرون المؤمنين من البشر عند ربهم ، ويستغفرون لهم ، ويستنجزون وعد الله إياهم ؛ بحكم رابطة الإيمان بينهم وبين المؤمنين :

( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ، ويؤمنون به ، ويستغفرون للذين آمنوا . ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ، وقهم عذاب الجحيم . ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ؛ إنك أنت العزيز الحكيم . وقهم السيئات - ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته - وذلك هو الفوز العظيم ) . .

ونحن لا نعرف ما هو العرش ? ولا نملك صورة له ، ولا نعرف كيف يحمله حملته ، ولا كيف يكون من حوله ، حوله ؛ ولا جدوى من الجري وراء صور ليس من طبيعة الإدراك البشري أن يلم بها ، ولا من

الجدل حول غيبيات لم يطلع الله أحداً من المتجادلين عليها ؛ وكل ما يتصل بالحقيقة التي يقررها سياق السورة أن عباداً مقربين من الله ، ( يسبحون بحمد ربهم ) . ( ويؤمنون به ) . . وينص القرآن على إيمانهم - وهو مفهوم بداهة - ليشير إلى الصلة التي تربطهم بالمؤمنين من البشر . . هؤلاء العباد المقربون يتوجهون بعد تسبيح الله إلى الدعاء للمؤمنين من الناس بخير ما يدعو به مؤمن لمؤمن .

وهم يبدأون دعاءهم بأدب يعلمنا كيف يكون أدب الدعاء والسؤال . يقولون :

( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ) . .

يقدمون بين يدي الدعاء بأنهم - في طلب الرحمة للناس - إنما يستمدون من رحمة الله التي وسعت كل شيء ويحيلون إلى علم الله الذي وسع كل شيء ؛ وأنهم لا يقدمون بين يدي الله بشيء ؛ إنما هي رحمته وعلمه منهما يستمدون وإليهما يلجأون :

( فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ) . .

وتلتقي هذه الإشارة إلى المغفرة والتوبة بمطلع السورة ، وبصفة الله هناك : ( غافر الذنب وقابل التوب ) . . كما تلتقي الإشارة إلى عذاب الجحيم ، بصفة الله : ( شديد العقاب ) . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

العرش : المُلْك ، وسرير الملك . وهنا معناه مركز تدبير العالم ، ولا نعرف صفاته وكيف هو .

قِهِم : احفظهم ، من الفعل : وقَى يقي .

ثم بين الله تعالى أن حملة العرش من الملائكة ، ومَن حول العرش مِنهم { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } وهم من بين القوى المؤمنة في هذا الوجود ، يذكُرون المؤمنين عند ربهم ويستغفرون لهم ضارعين إلى الله تعالى بقولهم :

{ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ }

اغفر لهم ذنوبهم بعد أن تابوا واستقاموا على هداك ، وجنّبهم عذاب النار

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

شرح الكلمات :

{ الذين يحملون العرش } : أي الملائكة حملة العرش .

{ ومن حوله } : أي والملائكة الذي يحفون بالعرش من جميع جوانبه .

{ يسبحون بحمد ربهم } : أي يقولون سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هذه صلاتهم وتسبيحهم .

{ ويؤمنون به } : كيف لا وهم عنده ، ولكن هذا من باب الوصف بالكمال لهم .

{ ويستغفرون للذين آمنوا } : أي يطلبون المغفرة للمؤمنين لرابطة الإِيمان بالله التي تربطهم بهم .

{ ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } : أي يقولون يا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما .

{ فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك } : أي فبما أن رحمتك وعلمك وسعا كل مخلوقاتك فاغفر للذين تابوا إليك فعبدوك ووحدوك واتبعوا سبيلك الذي هو الإِسلام .

{ وقهم عذاب الجحيم } : أي احفظهم من النار فلا تُعذّبهم بها .

المعنى :

قوله تعالى : { الذين يحملون العرش } يخبر تعالى عن عظمته وموجبات الإِيمان به وبآياته وتوحيده ولقائه فيقول الذي يحملون العرش أي عرشه من الملائكة كالملائكة الذين يحفون بعرشه الجميع { يسبحون بحمد ربهم } تسبيحاً مقروناً بالحمد بأن يقولوا سبحان الله وبحمده ويؤمنون به أي يؤمنون بوحدانيته وعدم الإِشراك في عبادته { ويستغفرون للذين آمنوا } لرابطة الإِيمان التي ربطتهم بهم ولعل هذا السرَّ في ذكر إيمانهم لأن المؤمنين إخوة واستغفارهم هو طلب المغفرة من الله للمؤمنين من عباده . وهو معنى قوله : { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } أي يقولون متوسلين إليه سبحانه وتعالى بصفاته { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً } أي يا ربنا وسعت رحمتك وعلمك سائر المخلوقات فاغفر للذين تابوا أي إليك فتركوا الشرك واتبعوا سبيلك الذي هو الإِسلام فانقادوا لأمرك ونهيك ، وقهم عذاب الجحيم أي احفظهم يا ربنا من عذاب النار وأدخلهم جنات عَدْنٍ .

الهداية :

من الهداية :

- بيان عظم الرب تعالى .

- بيان فضل الإِيمان وأهله .

- فضل التسبيح بقول : سبحان الله وبحمده فقد صح أن من قالها مائة مرة حين يصبح أو حين يمسي غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر أي في الكثرة .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

{ ومن حوله } عطف على الذين يحملون .

{ ويؤمنون به } إن قيل : ما فائدة قوله : { ويؤمنون به } ، ومعلوم أن حملة العرش ومن حوله يؤمنون بالله ؟ فالجواب : أن ذلك إظهار لفضيلة الإيمان وشرفه ، قال : ذلك الزمخشري ، وقال : إن فيه فائدة أخرى وهي أن معرفة حملة العرش بالله تعالى من طريق النظر والاستدلال كسائر الخلق لا بالرؤية ، وهذه نزعته إلى مذهب المعتزلة ذي استحالة رؤية الله .

{ وسعت كل شيء رحمة وعلما } أصل الكلام وسعت رحمتك وعلمك كل شيء ، فالسعة في المعنى : مسنده إلى الرحمة والعلم وإنما أسندتا إلى الله تعالى في اللفظ لقصد المبالغة في وصف الله تعالى بهما كان ذاته رحمة وعلم واسعان كل شيء .