في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

37

وهذا الإنسان إذا أذاقه الله منه رحمة بعد ذلك الضر ، استخفته النعمة فنسي الشكر ؛ واستطاره الرخاء فغفل عن مصدره . وقال : هذا لي . نلته باستحقاقي وهو دائم علي ! ونسي الآخرة واستبعد أن تكون ( وما أظن الساعة قائمة ) . . وانتفخ في عين نفسه فراح يتألى على الله ، ويحسب لنفسه مقاماً عنده ليس له ، وهو ينكر الآخرة فيكفر بالله . ومع هذا يظن أنه لو رجع إليه كانت له وجاهته عنده ! ( ولئن رجعت إلى ربي إن لي

عنده للحسنى ) ! وهو غرور . . عندئذ يجيء التهديد في موضعه لهذا الغرور :

( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ، ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) . .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

ثم قال تعالى : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ } أي : الإنسان الذي يسأم من دعاء الخير ، وإن مسه الشر فيئوس قنوط { رَحْمَةً مِنَّا } أي : بعد ذلك الشر الذي أصابه ، بأن عافاه الله من مرضه ، أو أغناه من فقره ، فإنه لا يشكر الله تعالى ، بل يبغى ، ويطغى ، ويقول : { هَذَا لِي } أي : أتاني لأني له أهل ، وأنا مستحق له { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً } وهذا إنكار منه للبعث ، وكفر للنعمة والرحمة ، التي أذاقها الله له . { وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى } أي : على تقدير إتيان الساعة ، وأني سأرجع إلى ربي ، إن لي عنده ، للحسنى ، فكما حصلت لي النعمة في الدنيا ، فإنها ستحصل ]لي[ في الآخرة وهذا من أعظم الجراءة والقول على الله بلا علم ، فلهذا توعده بقوله : { فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } أي : شديد جدًا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

قوله تعالى : { ولئن أذقناه رحمةً منا } آتيناه خيراً وعافية وغنى ، { من بعد ضراء مسته } من بعد شدة وبلاء أصابته ، { ليقولن هذا لي } أي : بعملي وأنا محبوب بهذا . { وما أظن الساعة قائمةً ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } يقول هذا الكافر : لست على يقين من البعث ، فإن كان الأمر على ذلك ، ورددت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ، أي : الجنة ، أي : كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة . { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا } قال ابن عباس رضي الله عنهما : لنقفنهم على مساوئ أعمالهم . { ولنذيقنهم من عذاب غليظ }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

قوله تعالى : " ولئن أذقناه رحمة منا " عاقبة ورخاء وغنى " من بعد ضراء مسته " ضر وسقم وشدة وفقر . " ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة " أي هذا شيء استحقه على الله لرضاه بعملي ، فيرى النعمة حتما واجبا على الله تعالى ، ولم يعلم أنه ابتلاه بالنعمة والمحنة ؛ ليتبين شكره وصبره . وقال ابن عباس : " هذا لي " أي هذا من عندي . " ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى " أي الجنة ، واللام للتأكيد . يتمنى الأماني بلا عمل . قال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب : للكافر أمنيتان أما في الدنيا فيقول : " لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى " ، وأما في الآخرة فيقول : " يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " [ الأنعام : 27 ] و " يا ليتني كنت ترابا " [ النبأ : 40 ] . " فلننبئن الذين كفروا بما عملوا " أي لنجزينهم . قسم أقسم الله عليه . " ولنذيقنهم من عذاب غليظ " أي شديد .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ} (50)

{ ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ }

{ ولئن } لام قسم { أذقناه } آتيناه { رحمةٌ } غنى وصحة { منا من بعد ضراء } شدة وبلاء { مسته ليقولن هذا لي } أي بعلمي { وما أظن الساعة قائمة ولئن } لام قسم { رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } أي الجنة { فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ } شديد ، واللام في الفعلين لام قسم .