في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

( لتركبن طبقا عن طبق ) . . أي لتعانون حالا بعد حال ، وفق ما هو مرسوم لكم من تقديرات وأحوال . ويعبر عن معاناة الأحوال المتعاقبة بركوبها . والتعبير بركوب الأمور والأخطار والأهوال والأحوال مألوف في التعبير العربي ، كقولهم : " إن المضطر يركب الصعب من الأمور وهو عالم بركوبه " . . وكأن هذه الأحوال مطايا يركبها الناس واحدة بعد واحدة . وكل منها تمضي بهم وفق مشيئة القدر الذي يقودها ويقودهم في الطريق ، فتنتهي بهم عند غاية تؤدي إلى رأس مرحلة جديدة ، مقدرة كذلك مرسومة ، كتقدير هذه الأحوال المتعاقبة على الكون من الشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق . حتى تنتهي بهم إلى لقاء ربهم ، الذي تحدثت عنه الفقرة السالفة . . وهذا التتابع المتناسق في فقرات السورة ، والانتقال اللطيف من معنى إلى معنى ، ومن جولة إلى جولة ، هو سمة من سمات هذا القرآن البديع .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

16

المفردات :

لتركبن : لتلاقنّ أيها الناس ( جواب القسم ) .

طبقا عن طبق : أحوالا بعد أحوال ، متطابقة في الشدة .

التفسير :

19- لتركبنّ طبقا عن طبق .

لتنزلنّ من القيامة حالا بعد حال ، منها : الموت والقبر ، والحشر والسؤال ، والميزان والصراط ، والجنة والنار ، ولتردنّ أحوال الآخرة ومنازلها بعد أحوال الدنيا .

وقيل : معنى : لتركبنّ طبقا عن طبق .

لتنزلن حالة بعد حالة ، وكل حالة تسلم للأخرى ، مثل مراحل الطفولة والشباب والرجولة ، والكهولة ، والموت والحياة الآخرة ، وفي الدنيا تعانون اليسر والعسر ، والسلام والحرب ، وكلها أمور متعاورة ، فمع العسر يسر ، ومع الشدة فرج ، ومع الدنيا ومنازلها نجد الآخرة ومنازلها ، فلا بد من الآخرة بعد الدنيا .

وقال الحسن البصري :

طبقا عن طبق .

يقول : حالا بعد حال ، رخاء بعد شدة ، وشدة بعد رخاء ، وغنى بعد فقر ، وفقرا بعد غنى ، وصحة بعد سقم ، وسقما بعد صحة .

ورجّح ابن جرير الطبري أن المراد : لتركبن من شدائد يوم القيامة وأحواله أهوالا .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ} (19)

{ لتركبن طبقا عن طبق } الطبق في اللغة له معنيان :

أحدهما : ما طابق غيره يقال : هذا طبق لهذا إذا طابقه والآخر جمع طبقة فعلى الأول يكون المعنى : لتركبن حالا بعد حال كل واحدة منها مطابقة للأخرى وعلى الثاني : يكون المعنى : لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات بعضها فوق بعض ثم اختلف في تفسير هذه الأحوال وفي قراءة تركبن فأما من قرأ بضم الباء فهو خطاب لجنس الإنسان وفي تفسير الأحوال على هذا ثلاثة أقوال :

أحدها : أنها شدائد الموت ثم البعث ثم الحساب ثم الجزاء .

والآخر : أنها كون الإنسان نطفة ثم علقة إلى أن يخرج إلى الدنيا ثم إلى أن يهرم ثم يموت . والثالث : لتركبن سنن من كان قبلكم وأما من قرأ تركبن بفتح الباء فهو خطاب للإنسان على المعاني الثلاثة التي ذكرنا وقيل : هي خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ثم اختلف القائلون بهذا على ثلاثة أقوال :

أحدها : لتركبن مكابدة الكفار حالا بعد حال .

والآخر : لتركبن فتح البلاد شيئا بعد شيء .

والثالث : لتركبن السموات في الإسراء بعد سماء وقوله : { عن طبق } في موضع الصفة لطبقا أو في موضع حال من الضمير في تركبن قاله الزمخشري .