في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

62

( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا . حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها . وقال لهم خزنتها : سلام عليكم . طبتم . فادخلوها خالدين ) . .

فهو الاستقبال الطيب . والثناء المستحب . وبيان السبب . ( طبتم )وتطهرتم . كنتم طيبين . وجئتم طيبين . فما يكون فيها إلا الطيب . وما يدخلها إلا الطيبون . وهو الخلود في ذلك النعيم . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

المفردات :

سلام عليكم : أمان عظيم عليكم .

طبتم : طهرتم من دنس المعاصي وطاب مثواكم .

التفسير :

73- { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

ساقت الملائكة المتقين إلى الجنة جماعات جماعات ، كل جماعة تدخل حسب منزلتها ، فالمقربون ثم الأبرار ثم الذين يلونهم ، كل طائفة مع من يناسبهم : الأنبياء مع الأنبياء ، والصديقون مع أمثالهم ، والشهداء مع بعضهم ، والعلماء مع بعضهم ، وكل صنف مع صنف يناسبه .

وسَوْق المتقين يراد به الإسراع بهم إلى دار الكرامة ، أو المراد سَوْق مراكبهم ونجائبهم التي يركبونها .

{ حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها . . . }

حتى وصلوا إلى الجنة ، والحال أن أبوابها مفتحة في انتظارهم ليدخلوها ، كما نجد الضيف العظيم قد اصطف أهل الدر لاستقباله ، وفتّحت الأبواب في انتظار قدومه ، قال تعالى : { جنات عدن مفتحة لهم الأبواب } . ( ص : 50 ) .

{ وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

عند دخول الأتقياء الجنة تحييهم الملائكة ، قال تعالى : { تحيتهم يوم يلقونه سلام . . . } ( الأحزاب : 44 ) .

وهنا نجد أن الملائكة تعبر عن سرورها بالأتقياء ، فيقول لهم : { سلام عليكم . . . } أي : نسلم عليكم سلام تحية وتكريم .

{ طبتم } . طابت أرواحكم بأعمالكم الطيبة ، فطابت مقامكم في دار السلام .

{ فادخلوها خالدين } : فادخلوا الجنة حال كونكم خالدين في ذلك النعيم .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

{ وفتحت أبوابها } أي وقد فتحت أبوابها . والجملة حالية ، وجواب " إذا " مقدر بعد " خالدين " ، أي سعدوا أو فازوا .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

بعد أن بين الله تعالى حالَ أهل النار وكيف يساقون إلى جهنم جماعاتٍ بإذلال وتوبيخ ، وأن أبواب جهنم لا تفتح لهم إلا عند وصولهم إليها لتبقى حامية تنتظرهم ، يذكر هنا حالَ أهل الجنة وما ينتظرهم من استقبال طيب ، وثناء ومدح وترحيب . فهم يساقون إلى الجنة جماعاتٍ ، وإذا وصلوها وجدوا أبوابها مفتوحة ليستنشقوا روائحها عن بعد . وهناك يرحب بهم الملائكة بقولهم : { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فادخلوها خَالِدِينَ } فيها أبدا في ضيافة رب العالمين ، ونعم الضيافة في ذلك النعيم الخالد .

قراءات :

قرأ أهل الكوفة : { وفُتِحت } بتخفيف التاء ، والباقون : { وفُتِّحت } بتشديد التاء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

قوله تعالى : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } قال الكوفيون : هذه الواو زائدة حتى تكون جواباً لقوله :{ حتى إذا جاؤوها } كما في سوق الكفار ، وهذا كما قال الله تعالى : { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء } ( الأنبياء-105 ) أي : ضياء والواو زائدة . وقيل : " الواو " واو الحال ، مجازه وقد فتحت أبوابها فأدخل الواو لبيان أنها كانت مفتحة قبل مجيئهم ، وحذفها في الآية الأولى ، لبيان أنها كانت مغلقة قبل مجيئهم ، فإذا لم تجعل " الواو " زائدة في قوله : { وفتحت أبوابها } اختلفوا في جواب قوله حتى إذا قيل : جوابه قوله :{ جاؤوها } { وقال لهم خزنتها } والواو فيه ملغاة تقديره حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها . وقال الزجاج : القول عندي أن الجواب محذوف ، تقديره :{ حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } دخلوها فحذف لدلالة الكلام عليه . { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم } يريد أن خزنة الجنة يسلمون عليهم ، ويقولون : طبتم ، قال ابن عباس : طاب لكم المقام ، قال قتادة : إذا قطعوا النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص بعضهم من بعض حتى إذا هذبوا وطيبوا أدخلوا الجنة . فقال لهم رضوان وأصحابه : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } . وروي عن علي عليه السلام قال : سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان ، فيغتسل المؤمن من إحداهما ، فيطهر ظاهره ، ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه ، وتلقفه الملائكة على أبواب الجنة ، يقولون : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

وقوله { طبتم } أي كنتم طيبين في الدنيا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

قوله تعالى : " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا " يعني من الشهداء والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم ، ممن اتقى الله تعالى وعمل بطاعته . وقال في حق الفريقين : " وسيق " بلفظ واحد ، فسوق أهل النار طردهم إليها بالخزي والهوان ، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل ، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان ؛ لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك ، فشتان ما بين السوقين . " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " قيل : الواو هنا للعطف عطف على جملة والجواب محذوف . قال المبرد : أي سعدوا وفتحت ، وحذف الجواب بليغ في كلام العرب . وأنشد{[13348]} :

فلو أنها نفسٌ تموتُ جميعَةً *** ولكنَّهَا نفسٌ تساقَطُ أنفُسَا

فحذف جواب لو والتقدير لكان أروح . وقال الزجاج : " حتى إذا جاؤوها " دخلوها وهو قريب من الأول . وقيل : الواو زائدة . قال الكوفيون وهو خطأ عند البصريين . وقد قيل : إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى ، والتقدير حتى إذا جاؤوها وأبوابها مفتحة بدليل قوله : " جنات عدن مفتحة لهم الأبواب " [ ص : 50 ] وحذف الواو في قصة أهل النار ؛ لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم . ذكره المهدوي ، وحكى معناه النحاس قبله . قال النحاس : فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول ، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد ، وهو أنه لما قال الله عز وجل في أهل النار : " حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مغلقة ولما قال في أهل الجنة : " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيؤوها . والله أعلم . وقيل : إنها واو الثمانية . وذلك من عادة قريش أنهم يعدون من الواحد فيقولون خمسة ستة سبعة وثمانية ، فإذا بلغوا السبعة قالوا وثمانية . قاله أبو بكر بن عياش . قال الله تعالى : " سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام " [ الحاقة : 7 ] وقال : " التائبون العابدون " [ التوبة : 112 ] ثم قال في الثامن : " والناهون عن المنكر " [ التوبة : 112 ] وقال : " ويقولون سبعة وثامنهم " [ الكهف : 22 ] وقال " ثيبات وأبكارا " [ التحريم : 5 ] وقد مضى القول في هذا في " براءة " {[13349]} مستوفى وفي " الكهف " {[13350]} أيضا .

قلت : وقد استدل بهذا من قال إن أبواب الجنة ثمانية ، وذكروا حديث عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ الوضوء{[13351]} - ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) خرجه مسلم وغيره . وقد خرج الترمذي حديث عمر هذا وقال فيه : ( فتح له من أبواب الجنة ثمانية أبواب يوم القيامة ) بزيادة من وهو يدل على أن أبواب الجنة أكثر من ثمانية . وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكرة وانتهى عددها إلى ثلاثة عشر بابا ، وذكرنا هناك عظم أبوابها وسعتها حسب ما ورد في الحديث من ذلك ، فمن أراده وقف عليه هناك .

قوله تعالى : " وقال لهم خزنتها " قيل : الواو ملغاة تقديره حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم " أي في الدنيا . قال مجاهد : بطاعة الله . وقيل : بالعمل الصالح . حكاه النقاش والمعنى واحد . وقال مقاتل : إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه : " سلام عليكم " بمعنى التحية " طبتم فادخلوها خالدين " .

قلت : خرج البخاري حديث القنطرة هذا في جامعه من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا ) وحكى النقاش : إن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر أجوافهم وذلك قوله تعالى : " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " [ الإنسان : 21 ] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم فعندها يقول لهم خزنتها : " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " وهذا يروى معناه عن علي رضي الله عنه .


[13348]:البيت لامرئ القيس. "وتموت جميعة" بمعنى أنه مريض فنفسه لا تخرج بمرة، ولكنها تموت شيئا بعد شيء، وهو معنى تساقط أنفسا.
[13349]:راجع ج 8 ص 271 طبعة أولى أو ثانية.
[13350]:راجع ج 10 ص 382 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
[13351]:يبلغ الوضوء: يوصل الوضوء على مواضعه، فالوضوء فيه مفتوح الواو. ومعنى يسبغ الوضوء يكمله على الوجه المسنون، فالوضوء فيه مضموم الواو. (هامش مسلم).
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

ولما ذكر أحوال الكافرين ، أتبعه أحوال أضدادهم فقال : { وسيق } وسوقهم إلى المكان الطيب يدل على أن موقفهم كان طيباً لأن من كان في أدنى نكد فهيئ له مكان هنيء لا يحتاج في الذهاب إليه إلى سوق ، فشتان ما بين السوقين ! هذا سوق إكرام ، وذاك سوق إهانة وانتقام ، وهذا لعمري من بدائع أنواع البديع ، وهو أن يأتي سبحانه بكلمة في حق الكفار فتدل على هوانهم بعقابهم ، ويأتي بتلك الكلمة بعينها وعلى هيئتها في حق الأبرار فتدل على إكرامهم بحسن ثوابهم ، فسبحان من أنزله معجز المباني ، متمكن المعاني ، عذب الموارد والمثاني .

ولما كان هذا ليس لجميع السعداء بل للخلص منهم ، دل على ذلك بقوله : { الذين اتقوا } أي لا جميع المؤمنين { ربهم } أي الذين كلما زادهم إحساناً زادوا له هيبة ، روى أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يوماً كان مقداره خمسين ألف سنة ، فقيل : ما أطول هذا اليوم ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون عليه أخف من صلاة مكتوبة " وروى الطبراني وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تجتمعون يوم القيامة " - فذكر الحديث حتى قال : " قالوا : فأين المؤمنون يومئذ ؟ قال : توضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام يكون ذلك اليوم أقصر على المؤمنين من ساعة من نهار " ويمكن أن يكون السوق إشارة إلى قسر المقادير للفريقين على الأفعال التي هي أسباب الدارين { إلى الجنة زمراً } أهل الصلاة المنقطعين إليها المستكثرين منها على حدة ، وأهل الصوم كذلك - إلى غيرذلك من الأعمال التي تظهر آثارها على الوجوه .

ولما ذكر السوق ، ذكر غايته بقوله : { حتى إذا جاءوها } ولما كان إغلاق الباب عن الآتي يدل على تهاون به ، وفي وقوفه إلى أن يفتح له نوع هوان قال : { وفتحت } أي والحال أنها قد فتحت { أبوابها } أي إكراماً لهم قبل وصولهم إليها بنفس الفتح وبما يخرج إليهم من رائحتها ، ويرون من زهرتها وبهجتها ، ليكون ذلك لهم سائقاً ثانياً إلى ما لم يروا مثله ولا رأوا عنه ثانياً .

ولما ذكر إكرامهم بأحوال الدار ، ذكر إكرامهم بالخزنة الأبرار ، فقال عطفاً على جواب " إذا " بما تقديره : تلقتهم خزنتها بكل ما يسرهم : { وقال لهم خزنتها } أي حين الوصول : { سلام عليكم } تعجيلاً للمسرة لهم بالبشارة بالسلامة التي لا عطب فيها . ولما كانت داراً لا تصلح إلا للمطهرين قالوا : { طبتم } أي صلحتم لسكناها ، فلا تحول لكم عنها أصلاً ، ثم سببوا عن ذلك تنبيهاً على أنها دار الطيب ، فلا يدخلها إلا مناسب لها ، قولهم : { فادخلوها } فأنتج ذلك { خالدين * } ولعل فائدة الحذف لجواب " إذا " أن تذهب النفس فيه من الإكرام كل مذهب وتعلم أنه لا محيط به الوصف ، ومن أنسب الأشياء أن يكون دخولهم من غير مانع من إغلاق باب أو منع بواب ، بل مأذوناً لهم مرحباً بهم إلى ملك الأبد .