في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

هذه الريح الصرصر العاتية : ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) . . والحسوم القاطعة المستمرة في القطع . والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة : ( سبع ليال وثمانية أيام ) . ثم يعرض المشهد بعدها شاخصا : ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ) . . فترى . . فالمنظر معروض تراه ، والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه ! ( صرعى ) . . مصروعين مجدلين متناثرين ( كأنهم أعجاز نخل )بأصولها وجذوعها( خاوية )فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة ! إنه مشهد حاضر شاخص . مشهد ساكن كئيب بعد العاصفة المزمجرة المدمرة . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

1

حسوما : متتابعة ، واحدها حاسم ، والحسم القطع والاستئصال .

صرعى : هلكى لا حراك بهم ، واحدهم صريع ، أي ميّت .

أعجاز نخل : أصول نخل قد تآكلت ، وخلت أجوافها .

سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية .

استمرت الريح العاتية المزمجرة العاصفة المدمرة ، سبع ليال وثمانية أيام متتابعات ، دون فتور أو انقطاع .

قال صلى الله عليه وسلم : ( نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور )iii ( رواه الشيخان ) .

لقد قطعت رقابهم ، وتركتهم هلكى لا فائدة فيهم .

حسوما . قاطعة كحد الحسام ، أو متتابعات ، أو نحسات ، كقوله تعالى : في أيام نحسات . . . ( فصلت : 16 ) .

قال ابن كثير : جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض ، فيخرّ ميتا على أمّ رأسه ، فينشدخ رأسه وتبقى جثته هامدة ، كأنها قائمة النخلة إذا خرّت بلا أغصان ، إنه لمنظر رهيب ، وصورة معبرة عن الدمار الشامل والهلاك الكامل .

فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية .

ترى قبيلة عاد هلكى ، مصروعين متناثرين ، كأنهم أعجاز نخل . بأصولها وجذوعها . خاوية . فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

سخّرها عليهم : سلطها عليهم .

حسوما : تتابعت تلك الأيام والليالي واستمرت حتى استأصلتهم . الحسم : القطع . أعجاز نخل خاوية : أصول النخل المقطوعة منذ زمن ، فهي جوفاء فارغة .

سلّطها عليهم سبعَ ليالي وثمانيَة أيام متتابعةٌ بلا انقطاع حتى أفناهم ، { فَتَرَى القوم فِيهَا صرعى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } كأنّهم أصولُ نخلٍ متآكلة الأجواف فارغة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } أي : نحسا وشرا فظيعا عليهم فدمرتهم وأهلكتهم ، { فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى } أي : هلكى موتى { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } أي : كأنهم جذوع النخل التي قد قطعت رءوسها الخاوية الساقط بعضها على بعض .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

{ سخرها عليهم } استعملها عليهم كما شاء وقوله { حسوما } أي دائمة متتابعة والمعنى تحسمهم حسوما أي تذهبهم وتفنيهم { فترى القوم } أي أهل القرى { فيها } أي في تلك الأيام { صرعى } جمع صريع { كأنهم أعجاز } أصول { نخل خاوية } سا قطة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

" سخرها عليهم " أي أرسلها وسلطها عليهم . والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار . " سبع ليال وثمانية أيام حسوما " أي متتابعة لا تفر ولا تنقطع ، عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما . قال الفراء : الحسوم التِّباع ، من حسم الداء إذا كوي صاحبه ، لأنه يكوى بالمكواة ثم يتابع ذلك عليه . قال عبدالعزيز بن زرارة الكلابي :

ففرق بين بينهم{[15287]} زمان *** تتابع فيه أعوامٌ حسومُ

وقال المبرد : هو من قولك حسمت الشيء إذا قطعته وفصلته عن غيره . وقيل : الحسم الاستئصال . ويقال للسيف حسام ؛ لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته . وقال الشاعر :

حسامٌ إذا قمتُ مُعْتَضِداً *** به كفى العَوْدَ منه البدء ليس بِمعْضَدِ{[15288]}

والمعنى أنها حسمتهم ، أي قطعتهم وأذهبتهم . فهي القاطعة بعذاب الاستئصال . قال ابن زيد : حسمتهم فلم تبق منهم أحدا . وعنه أنها حسمت الليالي والأيام حتى استوعبتها ؛ لأنها بدأت طلوع الشمس من أول يوم وانقطعت غروب الشمس من آخر يوم . وقال الليث : الحسوم الشؤم . ويقال : هذه ليالي الحسوم ، أي تحسم الخير عن أهلها ، وقال في الصحاح . وقال عكرمة والربيع بن أنس : مشائيم ، دليله قوله تعالى : " في أيام نحسات{[15289]} " [ فصلت : 16 ] . عطية العوفي : " حسوما " أي حسمت الخير عن أهلها . واختلف في أولها ، فقيل : غداة يوم الأحد ، قاله السدي . وقيل : غداة يوم الجمعة ، قال الربيع بن أنس . وقيل : غداة يوم الأربعاء ، قاله يحيى بن سلام ووهب بن منبه . قال وهب : وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز ، ذات برد وريح شديدة ، وكان أولها يوم الأربعاء وآخرها يوم الأربعاء ، ونسبت إلى العجوز لأن عجوزا من عاد دخلت سربا فتبعتها الريح فقتلتها في اليوم الثامن . وقيل : سميت أيام العجوز لأنها وقعت في عجز الشتاء . وهي في آذار من أشهر السريانيين . ولها أسام مشهورة ، وفيها يقول الشاعر وهو ابن أحمر{[15290]} :

كُسِع{[15291]} الشتاء بسبعة غُبْرٍ *** أيامِ شَهْلَتِنَا{[15292]} من الشَّهْرِ

فإذا انقضت أيامها ومضت{[15293]} *** صِنٌّ وصَنَّبْر مع الوَبْرِ

وبآمر وأخيه مُؤْتَمِرٌ *** ومعَلِّل وبمطفئِ الجِمْرِ

ذهب الشتاءُ مُوَلِّيًا عَجِلاً{[15294]} *** وأتَتْكَ وَاقِدةُ من النَّجْرِ{[15295]}

و " حسوما " نصب على الحال . وقيل على المصدر . قال الزجاج : أي تحسمهم حسوما أي تفنيهم ، وهو مصدر مؤكد . ويجوز أن يكون مفعولا له ، أي سخرها عليهم هذه المدة للاستئصال ، أي لقطعهم واستئصالهم . ويجوز أن يكون جمع حاسم . وقرأ السدي " حسوما " بالفتح ، حالا من الريح ، أي سخرها عليهم مستأصلة .

قوله تعالى : " فترى القوم فيها " أي في تلك الليالي والأيام . " صرعى " جمع صريع ، يعني موتى . وقيل : " فيها " أي في الريح . " كأنهم أعجاز " أي أصول . " نخل خاوية " أي بالية ، قاله أبو الطفيل . وقيل : خالية الأجواف لا شيء فيها . والنخل يذكر ويؤنث . وقد قال تعالى في موضع آخر : " كأنهم أعجاز نخل منقعر{[15296]} " [ القمر : 20 ] فيحتمل أنهم شبهوا بالنخل التي صرعت من أصلها ، وهو إخبار عن عظم أجسامهم . ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع ، أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف . وقال ابن شجرة : كانت الريح تدخل في أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحشو من أدبارهم ، فصاروا كالنخل الخاوية . وقال يحيى بن سلام : إنما قال " خاوية " لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية . ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع ، كما قال تعالى : " فتلك بيوتهم خاوية{[15297]} " [ النمل : 52 ] أي خربة لا سكان فيها . ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا ؛ لأنها إذا بليت خلت أجوافها . فشبهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية .


[15287]:البين: من الأضداد، يطلق على الوصل وعلى الفرقة.
[15288]:المعضد والمعضاد (بكسر الميم): من السيوف الممتهن في قطع الشجر.
[15289]:راجع جـ 15 ص 346.
[15290]:في اللسان مادة كسع أنه أبو شبل الأعرابي.
[15291]:الكسع: شدة المر. وكسعه بكذا وكذا إذا جعله تابعا له ومذهبا به.
[15292]:الشهلة: العجوز.
[15293]:في اللسان: فإذا انقضت أيام شهلتنا.
[15294]:في اللسان: "هربا".
[15295]:النجر: الحر.
[15296]:راجع جـ 17 ص 137.
[15297]:راجع جـ 13 ص 218.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{سَخَّرَهَا عَلَيۡهِمۡ سَبۡعَ لَيَالٖ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومٗاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِيهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِيَةٖ} (7)

قوله : { سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما } أرسل الريح الباردة العاصفة على هؤلاء المشركين الظالمين { سبع ليال وثمانية أيام حسوما } أي متتابعة لا تفتر ولا تنقطع . وقيل : حسوما نحسات مشائيم . وقيل : حسمت كل خير واستأصلت كل بركة { فترى القوم فيها صرعى } أي هلكى أو موتى . ومفرد صرعى ، صريع .

قوله : { كأنهم أعجاز نخل خاوية } يعني كأنهم وهم ميتون هلكى أشبه بأصول نخل قد خوت .