{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ } هذه الجملة مستأنفة لبيان كيفية إهلاكهم ، ومعنى { سَخَّرَهَا } سلطها ، كذا قال مقاتل ، وقيل : أرسلها . وقال الزجاج : أقامها عليهم كما شاء ، والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار ، ويجوز أن تكون هذه الجملة صفة لريح ، وأن تكون حالاً منها لتخصيصها بالصفة ، أو من الضمير في عاتية { وثمانية أَيَّامٍ } معطوف على { سَبْعَ لَيَالٍ } ، وانتصاب { حُسُوماً } على الحال : أي ذات حسوم ، أو على المصدر بفعل مقدّر : أي تحسمهم حسوماً ، أو على أنه مفعول به ، والحسوم التتابع ، فإذا تتابع الشيء ولم ينقطع أوّله عن آخره قيل له الحسوم . قال الزجاج : الذي توجبه اللغة في معنى قوله { حُسُوماً } أي تحسمهم حسوماً تفنيهم وتذهبهم . قال النضر بن شميل : حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم . وقال الفراء : الحسوم الإتباع من حسم الداء وهو الكيّ ، لأن صاحبه يكوى بالمكواة ثم يتابع ذلك عليه ، ومنه قول أبي دؤاد :
يفرق بينهم زمن طويل *** تتابع فيه أعواماً حسوماً
وقال المبرّد : هو من قولك حسمت الشيء : إذا قطعته وفصلته عن غيره . وقيل : الحسم الاستئصال ، ويقال للسيف : حسام ، لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته ، والمعنى : أنها حسمتهم ، أو قطعتهم وأذهبتهم ، ومنه قول الشاعر :
فأرسلت ريحاً دبوراً عقيما *** فدارت عليهم فكانت حسوماً
قال ابن زيد : أي حسمتهم فلم تبق منهم أحداً . وروي عنه أنه قال : حسمت الأيام والليالي حتى استوفتها ، لأنها بدأت بطلوع الشمس من أوّل يوم ، وانقطعت بغروب الشمس من آخر يوم . وقال الليث : الحسوم هي الشؤم : أي تحسم الخير عن أهلها ، كقوله : { فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } [ فصلت : 16 ] .
واختلف في أوّلها ، فقيل : غداة الأحد . وقيل : غداة الجمعة ، وقيل : غداة الأربعاء . قال وهب : وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز ، كان فيها برد شديد وريح شديدة ، وكان أوّلها يوم الأربعاء ، وآخرها يوم الأربعاء { فَتَرَى القوم فِيهَا صرعى } الخطاب لكلّ من يصلح له على تقدير أنه لو كان حاضراً حينئذٍ لرأى ذلك ، والضمير في : { فيها } يعود إلى الليالي والأيام . وقيل : إلى مهاب الريح ، والأوّل أولى . وصرعى جمع صريع يعني : موتى { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } أي أصول نخل ساقطة أو بالية ، وقيل : خالية لا جوف فيها ، والنخل يذكر ويؤنث ، ومثله قوله : { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] وقد تقدّم تفسيره وهو إخبار عن عظم أجسامهم . قال يحيى بن سلام : إنما قال خاوية لأن أبدانهم خلت من أرواحهم مثل النخل الخاوية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.