قوله : { حُسُوماً } : فيه أوجهٌ ، أحدها : أَنْ ينتصِبَ نعتاً لِما قبلها . والثاني : أَنْ ينتصِبَ على المصدرِ بفعلٍ مِنْ لفظِها ، أي : تَحْسِمْهم حُسوماً . الثالث : أَنْ ينتصِبَ على الحالِ ، أي : ذاتَ حُسوم . الرابع : أَنْ يكونَ مفعولاً له ، ويَتَّضِحُ ذلك بقول الزمخشري : " الحُسوم : لا يَخْلو مِنْ أَنْ يكونَ جمعَ حاسِم كشاهِد وشُهود ، أو مصدراً كالشُّكور والكُفور . فإنْ كانَتْ جمعاً فمعنى قولِه " حُسوماً " : نَحِسات حَسَمَتْ كلَّ خيرٍ ، واستأصَلَتْ كلَّ بركةٍ ، أو متتابعةً هبوبَ الريح ، ما خَفَتَتْ ساعةً ، تمثيلاً لتتابُعِها بتتابُعِ فِعْلِ الحاسمِ في إعادة الكيِّ على الدَّاء كَرَّةً بعد أخرى حتى يَنْحَسِمَ . وإن كان مصدراً : فإمَّا أَنْ ينتصِبَ بفعلِه مضمراً ، أي : تَحْسِم حُسوماً ، بمعنى : تَسْتأصِلُ استئصالاً ، أو يكونُ صفةً كقولِ : ذاتَ حُسومٍ ، أو يكونُ مفعولاً له ، أي : سَخَّرها عليهم للاستئصالِ . وقال عبد العزيز بن زُرارة الكلابي :
ففرَّق بين بَيْنِهُمُ زمانٌ *** تتابَعَ فيه أعوامٌ حُسومُ
انتهى . قال المبرد : الحُسوم : الفَصْلُ حَسَمْتُ الشيء من الشيء فَصَلْتُه منه ومنه الحُسام . وقال الشاعر :
فأرسَلْتَ ريحاً دَبُوراً عقيماً *** فدارَتْ عليهمْ فكانَتْ حُسُوماً
وقال الليث : " هي الشُّؤْمُ : يقال : هذه ليالي الحُسومِ ، أي : تَحْسِم الخيرَ عن أهلِها . وعندي أنَّ هذين القولَيْن يَرْجِعان إلى القول الأول ؛ لأنَّ الفصلَ قَطْعٌ ، وكذلك الشُّؤْمُ لأنَّه يقطعُ الخيرَ . والجملةُ مِنْ قولِه " سَخَّرها " يجوزُ أَنْ تكونَ صفةً ل " ريح " ، وأَنْ تَكونَ حالاً منها لتخصُّصها بالصفةِ ، أو من الضميرِ في " عاتية " ، وأَنْ تكون مستأنفةً .
قوله : { فِيهَا صَرْعَى } صَرْعَى حالٌ ، جمعُ صَريع نحو : قتيل وقَتْلى ، وجريح وجَرْحى ، والضمير في " فيها " للأيام والليالي ، أو للبيوت ، أو للرِيح ، أظهرُها الأولُ لقُرْبِه ، ولأنَّه مذكورٌ .
وقوله : { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ } حالٌ من القوم ، أو مستأنفةٌ . وقرأ أبو نهيك " أَعْجُزُ " على أَفْعُل نحو : ضَبُع وأَضْبُع . وقُرِىء " نخيل " حكاه الأخفشُ ، وقد تقدَّم أنَّ اسم الجنس يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ ، واختير هنا تأنيثهُ للفواصلِ ، كما اخْتِير تذكيرُه لها في سورةِ القمر كما تقدَّم التنبيهُ عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.