في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

وأمام مشهد الطغيان الذي يقف في وجه الدعوة وفي وجه الإيمان ، وفي وجه الطاعة ، يجيء التهديد الحاسم الرادع الأخير ، مكشوفا في هذه المرة لا ملفوفا : كلا . لئن لم ينته لنسفعا بالناصية . ناصية كاذبة خاطئة . فليدع ناديه . سندع الزبانية .

إنه تهديد في إبانه . في اللفظ الشديد العنيف : ( كلا . لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ) .

هكذا( لنسفعن ) بهذا اللفظ الشديد المصور بجرسه لمعناه . والسفع : الأخذ بعنف . والناصية : الجبهة . أعلى مكان يرفعه الطاغية المتكبر . مقدم الرأس المتشامخ :

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

المفردات :

لنسفعن : لنأخذنه بعنف .

الناصية : مقدم شعر الرأس .

التفسير :

15 ، 16- كلاّ لئن لم ينته لنسفعا بالناصية* ناصية كاذبة خاطئة .

السّفع : الجذب بشدة على سبيل الإذلال والإهانة ، والناصية : الشعر الذي يكون في مقدمة الرأس .

أي : كلا ليس الأمر كما يتصور هذا المغرور الطاغي ، ولئن لم يقلع عما هو فيه لنقهرنه ولنذلّنه ، ولنعذّبنه عذابا شديدا في الدنيا والآخرة ، وقد كان المعروف عند العرب أنهم إذا أرادوا إذلال إنسان وعقابه ، سحبوه من شعر رأسه ، وقد قتل أبو جهل في غزوة بدر وسحب من ناصيته ، وصعد عبد الله بن مسعود فوق صدره وجزّ رقبته ، وأذلّه الله أي إذلال في الدنيا ، وينتظره عذاب الآخرة .

ناصية كاذبة خاطئة .

صاحب هذه الناصية كاذب خاطئ ، فنسب الكذب والخطيئة إلى الناصية مبالغة في تعمد هذا الإنسان ارتكاب المنكر ، على حد قولهم : نهاره صائم ، أي صائم صاحبه ، ولأن الناصية هي مظهر الغرور والكبرياء .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

{ لَنسفعاً بالناصية } : لنأخذنّ بشعر جبهته ، والناصية مقدّم الرأس ، وشعرُ مقدم الرأس .

لِيرتدعْ هذا الطاغي المتجبر عن غَيِّه وضلاله ، فإني أُقسِم لئن لم يكفّ عن هذا الطغيان وعن نهي المصلين عن صلاتهم ، لنأخذنَّه بناصيته ونجَّره إلى النار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

ثم توعده إن استمر على حاله ، فقال : { كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي : لنأخذن بناصيته ، أخذًا عنيفًا ، وهي حقيقة بذلك .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

{ كلا } ردع وزجر { لئن لم ينته } عما هو عليه من الكفر ومعاداة النبي صلى الله عليه وسلم { لنسفعا بالناصية } لنجرن بناصيته إلى النار .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

قوله تعالى : " كلا لئن لم ينته " أي أبو جهل عن أذاك يا محمد . " لنسفع بالناصية " " لنسفعا " أي لنأخذن " بالناصية " فلنذلنه . وقيل : لنأخذن بناصيته يوم القيامة ، وتطوى مع قدميه ، ويطرح في النار ، كما قال تعالى : " فيؤخذ بالنواصي والأقدام " {[16216]} [ الرحمن : 41 ] . فالآية - وإن كانت في أبي جهل - فهي عظة للناس ، وتهديد لمن يمتنع أو يمنع غيره عن الطاعة . وأهل اللغة يقولون : سفعت بالشيء : إذا قبضت عليه وجذبته جذبا شديدا . ويقال : سفع بناصية فرسه . قال :

قوم إذا كثر الصياح رأيتهم *** من بين مُلْجِم مُهْرِهِ أو سَافِعِ{[16217]}

وقيل : هو مأخوذ من سفعته النار والشمس : إذا غيرت وجهه إلى حال تسويد ، كما قال :

أثافِيَّ سُفْعاً في مُعَرَّسِ مِرْجَلِ *** ونُؤْيٌ كَجِذْمِ الحوضِ أثلَمَ خاشِعِ{[16218]}

والناصية : شعر مقدم الرأس . وقد يعبر بها عن جملة الإنسان ، كما يقال : هذه ناصية مباركة ، إشارة إلى جميع الإنسان . وخص الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته . وقال المبرد : السفع : الجذب بشدة ، أي لنجرن بناصيته إلى النار . وقيل : السفع الضرب ، أي لنلطمن وجهه . وكله متقارب المعنى . أي يجمع عليه الضرب عند الأخذ ، ثم يجر إلى جهنم .


[16216]:آية 41 سورة الرحمان.
[16217]:البيت لحميد بن ثور الهلالي الصحابي، ويروى: "ما بين ملجم . .. .".
[16218]:هكذا ورد البيت في جميع نسخ الأصل وتفسير ابن عادل، وهو ملفق من قصيدتين. فالشطر الأول من معلقة زهير. والبيت كما في ديوانه ومعلقته: أثافي سفعا في معرس مرجل *** ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم والشطر الثاني من قصيدة للنابغة: والبيت كما في ديوانه: رماد ككحل العين لأيا أبينه * ونؤى كجذم الحوض أثلم خاشع والأثلم: المتثلم. والخاشع: اللاصق بالأرض. والأثافى: الحجارة التي تجعل عليها القدر ؛ الواحدة أثفية. والسفع: السود. والمعرس: الموضع الذي فيه المرجل. والمرجل: كل قدر يطبخ فيها، من حجارة أو حديد أو خزف أو نحاس. والنؤى: حاجز يرفع حول البيت من تراب لئلا يدخل البيت الماء من خارج. وجذم الحوض: حرفه وأصله. ولم يتثلم: يعني النؤى قد ذهب أعلاه، ولم يتثلم ما بقى به، أي يتكسر.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ} (15)

قوله : { كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية } كلا ، ردع لأبي جهل عن طغيانه وظلمه وإيغاله في الإجرام والجحود { لئن لم ينته } هذا الخاسر الكنود عما هو فيه من الإيذاء لرسول الله والاعتداء عليه { لنسفعا بالناصية } النون ، في قوله : { لنسفعا } نون التوكيد الخفيفة ، وتكتب بالألف والتنوين ، عند البصريين ، وبالنون عند الكوفيين . وهي مكتوبة في المصحف بالألف{[4836]} والمعنى : لنأخذن بناصية هذا الشقي فلنذلنّه . سفع بناصيته ، أي أخذ بها{[4837]} والناصية ، قصاص الشعر{[4838]} والمراد بالناصية شعر مقدمة الرأس . وقد خصّ الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته ، مبالغة في إهانته والتنكيل به . وقيل : السفع معناه الجذب بشدة . أي لنجرّنّ بناصيته إلى النار . وقيل : السفع ، الضرب واللطم . أي لنلطمن وجهه . وكل هذه المعاني نازلة بكل شقي هالك ينهى الناس عن دين الله .

ويحول بينهم وبين الأخذ بشريعة الله ، وذلك بمختلف الأساليب من التحذير والتخويف والتشكيك والصد والقهر والتعذيب . أولئك جزاؤهم يوم القيامة أن يؤخذ بنواصيهم مضمومة إلى أقدامهم ثم يقذفون في جهنم قذفا .


[4836]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 523.
[4837]:مختار الصحاح ص 301.
[4838]:القاموس المحيط جـ 4 ص 398 والمصباح المنير جـ 2 ص 278.