في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

28

( هنالك الولاية لله الحق ، هو خير ثوابا وخير عقبا ) . .

وثوابه هو خير الثواب ، وما يبقى عنده للمرء من خير فهو خير ما يتبقى : ويسدل الستار على مشهد الجنة الخاوية على عروشها ، وموقف صاحبها يقلب كفيه أسفا وندما ، وجلال الله يظلل الموقف ، حيث تتوارى قدرة الإنسان . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

وقوله : هُنالكَ الوَلايَةُ لِلّهِ الحَقّ يقول عزّ ذكره : ثم وذلك حين حلّ عذاب الله بصاحب الجنتين في القيامة .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : الولاية ، فقرأ بعض أهل المدينة والبصرة والكوفة هُنالكَ الوَلايَةُ بفتح الواو من الولاية ، يعنون بذلك هنالك المُوالاة لله ، كقول الله : اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُوا وكقوله : ذلكَ بأنّ اللّهَ مَوْلَى الّذِينَ آمَنُوا يذهبون بها إلى الوَلاية في الدين . وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة : «هُنالِكَ الوِلايَةُ » بكسر الواو : من المُلك والسلطان ، من قول القائل : وَلِيتُ عمل كذا ، أو بلدة كذا أليه ولاية .

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأ بكسر الواو ، وذلك أن الله عقب ذلك خبره عن مُلكه وسلطانه ، وأن من أحلّ به نقمته يوم القيامة فلا ناصر له يومئذٍ ، فإتباع ذلك الخبر عن انفراده بالمملكة والسلطان أولى من الخبر عن الموالاة التي لم يجر لها ذكر ولا معنى ، لقول من قال : لا يسمّى سلطان الله ولاية ، وإنما يسمى ذلك سلطان البشر ، لأن الولاية معناها أنه يلي أمر خلقه منفردا به دون جميع خلقه ، لا أنه يكون أميرا عليهم .

واختلفوا أيضا في قراءة قوله الحَقّ فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والعراق خفضا ، على توجيهه إلى أنه من نعت الله ، وإلى أن معنى الكلام : هنالك الولاية لله الحقّ ألوهيته ، لا الباطل بطول ألوهيته التي يدعونها المشركون بالله آلهة . وقرأ ذلك بعض أهل البصرة وبعض متأخري الكوفيين : «لِلّهِ الحَقّ » برفع الحقّ توجيها منهما إلى أنه من نعت الولاية ، ومعناه : هنالك الولاية الحقّ ، لا الباطل لله وحده لا شريك له .

وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصواب ، قراءة من قرأه خفضا على أنه من نعت الله ، وأن معناه ما وصفت على قراءة من قرأه كذلك .

وقوله : هُوَ خَيْرٌ ثَوَابا يقول عزّ ذكره : خير للمنيبين في العاجل والاَجل ثوابا وخَيْرٌ عُقْبا يقول : وخيرهم عاقبة في الاَجل إذا صار إليه المطيع له ، العامل بما أمره الله ، والمنتهى عما نهاه الله عنه . والعقب هو العاقبة ، يقال : عاقبة أمر كذا وعُقْباه وعُقُبه ، وذلك آخره وما يصير إليه منتهاه .

وقد اختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة عُقْبا بضم العين وتسكين القاف .

و القول في ذلك عندنا . أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

{ هُنالك } في ذلك المقام وتلك الحال . { الوَلاية لله الحق } النصرة له وحده لا يقدر عليها غير تقديرا لقوله { ولم تكن له فئة ينصرونه } أو نصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة كما نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن ويعضده قوله : { هو خير ثوابا وخير عُقباً } أي لأوليائه . وقرأ حمزة والكسائي بالكسر ومعناه السلطان والملك أي هناك السلطان له لا يغلب ولا يمنع منه ، أو لا يعبد غيره كقوله تعالى { فإذا ركبوا الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } فيكون تنبيها على أن قوله { يا ليتني لم أشرك } كان عن اضطرار وجزع مما دهاه وقيل { هنالك } إشارة إلى الآخرة وقرأ أبو عمرو والكسائي { الحق } بالرفع صفة للولاية ، وقرئ بالنصب على المصر المؤكد ، وقرأ عاصم وحمزة " عُقباً " بالسكون ، وقرئ " عَقْبَى " وكلها بمعنى العاقبة .