في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (199)

180

وقبل ختام السورة يعود السياق إلى أهل الكتاب ، فيقرر أن فريقا منهم يؤمن إيمان المسلمين ، وقد انضم إلى موكب الإسلام معهم . وسار سيرتهم . وله كذلك جزاؤهم :

( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم ، وما أنزل إليهم . خاشعين لله ، لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا . أولئك لهم أجرهم عند ربهم . إن الله سريع الحساب )

إنه الحساب الختامي مع أهل الكتاب . وقد ذكر من طوائفهم ومواقفهم فيما سبق من السورة الكثير . ففي معرض الإيمان ، وفي مشهد الدعاء والاستجابة ، يذكر كذلك أن من أهل الكتاب من سلكوا الطريق ، وانتهوا إلى النهاية . فآمنوا بالكتاب كله ، ولم يفرقوا بين الله ورسله ، ولم يفرقوا بين أحد من رسله . آمنوا بما أنزل إليهم من قبل ، وآمنوا بما أنزل للمسلمين - وهذه سمة هذه العقيدة التي تنظر إلى موكب الإيمان نظرة القرب والود ؛ وتنظر إلى خط العقيدة موصولا بالله ، وتنظر إلى منهج الله في وحدته وكليته الشاملة ، ويبرز من سمات المؤمنين من أهل الكتاب : سمة الخشوع لله وسمة عدم شرائهم بآياته ثمنا قليلا . . ليفرقهم بهذا من صفوف أهل الكتاب ، وسمتهم الأصيلة هي التبجح وقلة الحياء من الله . ثم التزوير والكتمان لآيات الله ، لقاء أعراض الحياة الرخيصة !

ويعدهم أجر المؤمنين عند الله . الذي لا يمطل المتعاملين معه - حاشاه - !

( إن الله سريع الحساب ) . .