بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (199)

{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله } يعني مؤمني أهل الكتاب ، معناه من أهل الكتاب من آمن بالله فصدق بقوله { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ } من القرآن وصدق { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } من التوراة والإنجيل ، يعني على أنبيائهم ، فذكر حالهم وبيّن ثوابهم لكي يرغب غيرهم من أهل الكتاب ليؤمنوا إذا علموا بثوابهم .

ثم نعتهم فقال تعالى : { خاشعين للَّهِ } أي متواضعين لله ، والخشوع أصله التذلل وكذلك الخضوع ، وقد فرّق بعض أهل اللغة بين الخشوع والخضوع ، فقال الخضوع في البدن خاصة ، والخشوع يكون في البدن والبصر والصوت والقلب . كما قال الله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الداعي لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأصوات للرحمن فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } [ طه : 108 ] وقال : { خاشعة أبصارهم تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى السجود وَهُمْ سالمون } [ القلم : 43 ] .

ثم قال تعالى : { لاَ يَشْتَرُونَ بآيات الله ثَمَناً قَلِيلاً } يعني عرضاً يسيراً كفعل اليهود { أُوْلئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ } أي ثوابهم { عِندَ رَبّهِمْ } الجنة { إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب } أي شديد العقوبة ، ويقال : سريع الحفظ والتعريف .