غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (199)

190

ثم إنه تعالى لما ذكر حال المؤمنين وكان قد ذكر حال الكفار بين حال مؤمني أهل الكتاب كلهم فقال : { وإن من أهل الكتاب } وهذا قول مجاهد . وقال ابن جريج وابن زيد : نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه . وقيل : في أربعين من أهل نجران واثنين وثلاثين من الحبشة وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى عليه السلام فأسلموا . وعن جابر بن عبد الله وأنس وابن عباس وقتادة : نزلت في النجاشي لما مات نعاه جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للأصحاب : اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم . قالوا : ومن هو ؟ قال : النجاشي . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه وكبر أربع تكبيرات واستغفر له ، وقال لأصحابه : استغفروا له . فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على علج حبشي نصراني لم يره قط وليس على دينه ، فأنزل الله هذه الآية . واللام في { لمن يؤمن } لام الابتداء الذي يدخل على خبر " إن " أو على اسمه عند الفصل كما في الآية . والمراد { بما أنزل إليكم } القرآن { وما أنزل إليهم } الكتابان و { خاشعين لله } حال من فاعل يؤمن لأن " من " في معنى الجمع فحمل على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى { لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } كما يفعله من لم يسلم من أحبارهم ورؤسائهم { أولئك لهم أجرهم عند ربهم } ولا يخفى فخامة شأن هذا الوعد حسبما أشار إليه بقوله : { إن الله سريع الحساب } لأنه عالم بجميع المعلومات قادر على كل المقدورات فيعلم ويعطي ما لكل أحد من جزاء الحسنات والسيئات . أو المراد سرعة موعد حسابه فتكون فيه بشارة بسرعة حصول الأجر .

/خ200