فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (199)

قوله : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله } هذه الجملة سيقت لبيان أن بعض أهل الكتاب لهم حظّ من الدين ، وليسوا كسائرهم في فضائحهم التي حكاها الله عنهم فيما سبق ، وفيما سيأتي ، فإن هذا البعض يجمعون بين الإيمان بالله ، وبما أنزل الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أنزله على أنبيائهم حال كونهم { خاشعين للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ } أي : يستبدلون { بآيات الله ثمناً قليلاً } بالتحريف ، والتبديل ، كما يفعله سائرهم ، بل يحكون كتب الله سبحانه ، كما هي ، والإشارة بقوله : { أولئك } إلى هذه الطائفة الصالحة من أهل الكتاب من حيث اتصافهم بهذه الصفات الحميدة { لَهُمْ أَجْرُهُمْ } الذي وعد الله سبحانه به بقوله : { أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مرَّتَيْنِ } [ القصص : 54 ] وتقديم الخبر يفيد اختصاص ذلك الأجر بهم . وقوله : { عِندَ رَبّهِمْ } في محل نصب على الحال .

/خ200