فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (199)

وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب199 يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون200

( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما انزل إليهم ) هذه الجملة سيقت لبيان ان بعض أهل الكتاب لهم حظ من الدين وليسوا كسائرهم في فضائحهم التي حكاها الله عنهم فيما سبق وفيما سيأتي ، فإن هذا البعض يجمعون بين الإيمان بالله وبما أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزله على أنبيائهم حال كونهم ( خاشعين لله لا يشترون ) تصريح بمخالفتهم للمحرفين والجملة حال ( بآيات الله ) التي عندهم في التوراة والإنجيل ( ثمنا قليلا ) من الدنيا بالتحريف والتبديل كما يفعله سائرهم بل يحكون كتاب الله كما هو .

( أولئك ) أي هذه الطائفة الصالحة من أهل الكتاب من حيث اتصافهم بهذه الصفات الحميدة ( لهم أجرهم ) الذي وعدهم الله سبحانه بقوله ( أولئك يؤتون أجرهم مرتين ) وتقديم الخبر يفيد اختصاص ذلك الأجر بهم ( عند ربهم ) يوفيه إليهم يوم القيامة .

أخرج النسائي والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن انس قال :لما مات النجاشي قال صلى الله عليه وسلم " صلوا عليه " قالوا يا رسول الله نصلي على عبد حبشي ؟ فأنزل الله ، يعني هذه الآية{[401]} ، وفي الباب أحاديث .

وقال مجاهد : هم مسلمة أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وعن الحسن قال هم اهل الكتاب الذين كانوا فبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم .

( إن الله سريع الحساب ) يحاسب الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا فيجازي كل أحد على قدر عمله لنفوذ علمه في كل شئ ، والمراد سرعة وصول الأجر الموعود به إليهم .


[401]:ابن كثير 1/441. رواه ابن جرير 7/497 وإسناده ضعيف وقد ثبت في الصحيحين ان النبي صلى على النجاشي صلاة الجنازة الغائبة وهي ثابتة صحيحة.