{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله } جملةٌ مستأنفةٌ سيقت لبيان أن أهلَ الكتابِ ليس كلُّهم كمن حُكِيت هَناتُهم من نبذ الميثاقِ وتحريفِ الكتابِ وغير ذلك ، بل منهم من له مناقبُ جليلةٌ . قيل هم عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ وأصحابُه وقيل هم أربعون من أهل نجرانَ واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانيةٌ من الروم كانوا نصارى فأسلموا ، وقيل المرادُ به أصحْمةُ النجاشيُّ فإنه لما مات نعاه جبريلُ إلى النبي عليه فقال عليه السلام : «أخرُجوا فصلُّوا على أخٍ لكم ماتَ بغير أرضكم » ، فخرج إلى البقيع فنظر إلى أرض الحبشةِ فأبصر سريرَ النجاشيِّ وصلى عليه واستغفر له ، فقال المنافقون انظُروا إلى هذا يصلي على عِلْج نصراني لم يرَه قطُّ وليس على دينه ، فنزلت . وإنما دخلت لامُ الابتداءِ على اسم إنّ لفصل الظرفِ بينهما كما في قوله تعالى : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ } [ النساء ، الآية 72 ] ، { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ } من القرآن { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } من الكتابَين ، وتأخيرُ إيمانِهم بهما عن إيمانهم بالقرآن في الذكر مع أن الأمرَ بالعكس في الوجود لما أنه عيارٌ ومهيمِن عليهما ، فإن إيمانَهم بهما إنما يُعتبر بتبعية إيمانِهم به إذ لا عبرةَ بأحكامهما المنسوخةِ ، وما لم يُنسَخْ منها إنما يعتبر من حيث ثبوتُه بالقرآن ، ولتعلّق ما بعده بهما ، والمرادُ بإيمانهم بهما إيمانُهم بهما من غير تحريفٍ ولا كَتْمٍ كما هو دَيدَنُ المحرِّفين وأتباعِهم من العامة { خاشعين للَّهِ } حالٌ من فاعل يؤمن ، والجمعُ باعتبار المعنى { لاَ يَشْتَرُونَ بآيات الله ثَمَناً قَلِيلاً } تصريحٌ بمخالفتهم للمحرِّفين ، والجملةُ حالٌ كما قبله ونظمُها في سلك محاسِنهم ليس من حيث عدمُ الاشتراءِ فقط بل لتضمُّن ذلك لإظهار ما في الكتابَيْن من شواهدِ نبوته عليه السلام { أولئك } إشارةٌ إليهم من حيث اتصافُهم بما عُدّ من صفاتهم الحميدةِ ، وما فيه من معنى البعد للدَلالة على رتبتهم وبُعد منزلتِهم في الشرف والفضيلةِ ، وهو مبتدأٌ خبرُه قوله تعالى : { لَهُمْ } وقوله { أَجْرَهُمْ } أي المختصُّ بهم الموعودُ لهم بقوله تعالى : { أُوْلَئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَرَّتَيْنِ } [ القصص ، الآية 54 ] وقولهِ تعالى : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَحْمَتِهِ } [ الحديد ، الآية 28 ] مرتفعٌ بالظرف على الفاعلية أو على الابتداء ، والظرفُ خبره والجملةُ خبرٌ لأولئك ، وقوله تعالى : { عِندَ رَبّهِمْ } نُصب على الحالية من ( أجرُهم ) والمرادُ به التشريفُ كالصفة . { إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب } لنفوذ علمِه بجميع الأشياءِ فهو عالمٌ بما يستحقه كلُّ عاملٍ من الأجر من غير حاجةٍ إلى تأمل ، والمرادُ بيانُ سرعةِ وصولِ الأجر الموعودِ إليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.