تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

{ أُولَئِكَ } الذين ذكرت أوصافهم { الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } وهو الطاعات لأنهم يعملون أيضا غيرها . { وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ } فِي جملة { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ } فحصل لهم الخير والمحبوب وزال عنهم الشر والمكروه .

{ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } أي : هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من أصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

قوله : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } يعني أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا ، وكلها حسن ، والأحسن بمعنى الحسن ، فيثيبهم عليها ، { ونتجاوز عن سيئاتهم } فلا نعاقبهم عليها ، قرأ حمزة والكسائي وحفص : { ونتجاوز } بالنون ، أحسن نصب ، وقرأ الآخرون بالياء ، وضمها ، أحسن رفع . { في أصحاب الجنة } مع أصحاب الجنة ، { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } وهو قوله عز وجل : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } ( التوبة-72 ) .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

قوله تعالى : " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم " قراءة العامة بضم الياء فيهما . وقرئ " يتقبل ، ويتجاوز " بفتح الياء ، والضمير فيهما يرجع لله عز وجل . وقرأ حفص وحمزة والكسائي " نتقبل ، ونتجاوز " النون فيهما ، أي نغفرها ونصفح عنها . والتجاوز أصله من جزت الشيء إذا لم تقف عليه . وهذه الآية تدل على أن الآية التي قبلها " ووصينا الإنسان " إلى آخرها مرسلة نزلت على العموم . وهو قول الحسن . ومعنى " نتقبل عنهم " أي نتقبل منهم الحسنات ونتجاوز عن السيئات . قال زيد بن أسلم - ويحكيه مرفوعا - : إنهم إذا أسلموا قبلت حسناتهم وغفرت سيئاتهم . وقيل : الأحسن ما يقتضى الثواب من الطاعات ، وليس في الحسن المباح ثواب ولا عقاب ، حكاه ابن عيسى . " في أصحاب الجنة " " في " بمعنى مع ، أي مع أصحاب الجنة ، تقول : أكرمك وأحسن إليك في جميع أهل البلد ، أي مع جميعهم . " وعد الصدق " نصب لأنه مصدر مؤكد لما قبله ، أي وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وعد الصدق . وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن الصدق هو ذلك الوعد الذي وعده الله ، وهو كقوله تعالى : " حق اليقين " {[13840]} [ الواقعة : 95 ] . وهذا عند الكوفيين ، فأما عند البصريين فتقديره : وعد الكلام الصدق أو الكتاب الصدق ، فحذف الموصوف . وقد مضى هذا في غير موضع{[13841]} . " الذي كانوا يوعدون " في الدنيا على ألسنة الرسل ، وذلك الجنة .


[13840]:آية 95 سورة الواقعة.
[13841]:راجع ج 9 ص 356.