أي : إذا أراد أن ينتقم من أحد ، فإنه لا يفوته ولا يعجزه ، وذلك في يوم القيامة ، { يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ } تبدل غير السماوات ، وهذا التبديل تبديل صفات ، لا تبديل ذات ، فإن الأرض يوم القيامة تسوى وتمد كمد الأديم ويلقى ما على ظهرها من جبل ومَعْلم ، فتصير قاعا صفصفا ، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، وتكون السماء كالمهل ، من شدة أهوال ذلك اليوم ثم يطويها الله -تعالى- بيمينه .
{ وَبَرَزُوا } أي : الخلائق من قبورهم إلى يوم بعثهم ، ونشورهم في محل لا يخفى منهم على الله شيء ، { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي : المتفرد بعظمته وأسمائه وصفاته وأفعاله العظيمة ، وقهره لكل العوالم فكلها تحت تصرفه وتدبيره ، فلا يتحرك منها متحرك ، ولا يسكن ساكن إلا بإذنه .
{ يوم تُبدّل الأرض غير الأرض } بدل من { يوم يأتيهم } أو ظرف للانتقام ، أو مقدر باذكر أو لا يخلف وعده . ولا يجوز أن ينتصب بمخلف لأن ما قبل أن لا يعمل فيما بعده . { والسماوات } عطف على الأرض وتقديره والسماوات غير السماوات ، والتبديل يكون في الذات كقولك : بدلت الدراهم دنانير وعليه قوله : { بدلناهم جلودا غيرها } وفي الصفة كقولك بدلت الحلقة خاتما إذا أذبتها وغيرت شكلها ، وعليه قوله : { يبدل الله سيئاتهم حسنات } ولآية تحتملهما ، فعن علي رضي الله تعالى عنه : تبدل أرضا من فضة وسماوات من ذهب ، وعن ابن مسعود وأنس رضي الله تعالى عنهما : يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : هي تلك الأرض وإنما تغير صفاتها . ويدل عليه ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : " تبدل الأرض غير الأرض فتبسط وتمد مد الأديم العكاظي " { لا ترى فيها عوجا ولا أمتاً } واعلم أنه لا يلزم على الوجه الأول أن يكون الحاصل بالتبديل أرضا وسماء على الحقيقة ، ولا يبعد على الثاني أن يجعل الله الأرض جهنم والسماوات الجنة على ما أشعر به قوله تعالى { كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين } وقوله : { إن كتاب الفجار لفي سجين } . { وبرزوا } من أجداثهم { لله الواحد القهار } لمحاسبته ومجازاته ، وتوصيفه بالوصفين للدلالة على أن الأمر في غاية الصعوبة كقوله : { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } فإن الأمر إذا كان لواحد غلاب لا يغالب فلا مستغاث لأحد إلى غيره ولا مستجار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.