لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{يَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَيۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُۖ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (48)

لا يختلف عَيْنُها وإنما تختلف صورتها ، وكذلك إذا انكدرت النجوم ، وانشقت السماء يقال ما بدّل عينها وإنما بدَّل الأزمانَ والمكانَ على الناس باختلافهم أحوالهم في السرور والمحن ؛ كَمَنْ صار من الرخاء إلى البلاء يقول : تغيَّر الزمانُ والوقتُ . . . وكذلك من صار من البلاء إلى الرخاء .

ويقال إن آدم لما قتل أحدُ ابنيه الآخرَ قال :

تغيرت البلادُ ومَنْ عليها *** فوجهُ الأرضِ مُعْبَرٌّ قبيحُ

وفي هذه القصة من كان صاحب بسطٍ فَرُدَّ إلى حال القبض ، ومن كان صاحب أُنسٍ فصار صاحب حجاب - يصحُّ أن يقال بدل له الأرض ، قال بعضهم :

ما الناس بالناس الذي عهدي بهم *** ولا البلاد بتلك التي كنت أعرفها

وكذلك العبد المريد إذا وقعت له وقفة أو فترة كانت الشمس له كاشفة ، وكانت الأرض به راجفة ، وكان النهار له ليلاً ، وكان الليل له ويلا ، وكما قيل :

فما كانت الدنيا بسهل ولا الضحا *** بِطَلْقٍ ولا ماءُ الحياة ببارد