الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَيۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُۖ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (48)

وقوله سبحانه : { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض } [ إبراهيم : 48 ] .

{ يَوْمٍ } ظِرفٌ للانتقامِ المذْكُورِ قبله ، وروي في تَبْدِيلِ الأرض أَخْبَارٌ منها في الصَّحِيحِ : ( يُبَدِّلُ اللَّهُ هَذِهِ الأَرْضَ بأَرْضٍ عَفْرَاءَ بَيْضَاءَ كَأَنَّهَا قرصة نَقي ) ، وفي الصحيح : ( إِنَّ اللَّهَ يُبَدِّلُهَا خُبْزَةً يَأْكُلُ المؤمن مِنْهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْهِ ) وروي أنها تبدَّلُ أَرضاً من فِضَّةٍ ، وروي أنها أرض كالفضَّة مِنْ بياضها ، وروي أنها تبدَّل من نارٍ .

قال ( ع ) : وسمعتُ من أبي رحمه اللَّه أنه روي أنَّ التبديل يَقَعُ في الأرضِ ، ولكنْ يبدَّل لكلِّ فريقٍ بما يقتضيه حالُهُ ، فالمُؤْمِنُ يكُونُ على خُبْزٍ يأكُلُ منه بحَسَبِ حاجته إِليه ، وفريقٌ يكونُ على فضَّة ، إِن صحَّ السند بها ، وفريقُ الكَفَرَةِ يَكُونُونَ على نارٍ ، ونحو هذا ممَّا كله واقِعٌ تحْتَ قدرةِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ ، وأكثر المفسِّرين على أنَّ التبديلَ يكونُ بأرضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فيها ، ولا سُفِكَ فِيهَا دَمٌ ، وَلَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَدٍ ، وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : أنه قال : ( المؤمنون وقْتَ التبديل في ظلِّ العرش ) ، وروي عنه أنه قال : ( النَّاسُ وقْتَ التبديل على الصِّراط ) ، ورُوِيَ أنه قال : ( الناسُ حينئذٍ أضْيَافُ اللَّهِ ، فلا يُعْجِزُهُم ما لَدَيْهِ ) .

وفي «صحيح مسلم » من حديث ثَوْبَان ( في سؤال الحَبْرِ ، وقوله : يا مُحَمَّدُ ، أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ والسموات ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : «هُمْ فِي الظُلْمَةِ دُونَ الجسر » ) الحديثَ بطوله ، وخرَّجه مسلمٌ وابنُ مَاجَه جميعاً ، قالا : حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ ، ثم أسنَدَا عَنْ عائشة ، قَالَتْ : " سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسموات } فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسِ ؟ قَالَ : " عَلَى الصِّرَاطِ " ، وخرَّجه الترمذيُّ من حديث عائشة ، ( قالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، { والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] ، فَأَيْنَ يَكُونُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : «عَلَى الصِّرَاطِ يَا عَائِشَةُ » ، قال أبو عيسَى : هذا حديثٌ حسن صحيح . انتهى من «التذكرة » .