غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَيۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُۖ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ ٱلۡوَٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ} (48)

35

{ يوم تبدل الأرض } قال الزجاج : انتصاب يوم على البدل من { يوم يأتيهم } أو على الظرف للانتقام . والأظهر انتصابه باذكر كما مر في الوقوف . ومعنى قوله : { والسموات } أي وتبدل السموات قال أهل اللغة : التبديل التغيير وقد يكون في الذوات كقولك " بدلت الدراهم دنانير " وفي الأوصاف كقولك " بدلت الحلقة خاتماً " إذا أذبتها وسوّيتها خاتماً فنقلتها من شكل إلى شكل . وتفسير ابن عباس يناسب الوجه الثاني قال : هي تلك الأرض وإنما تغير فتسير عنها جبالها وتفجر بحارها وتسوّى فلا يرى فيها عوج ولا أمت ، وتبدل السماء بانتثار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وانشقاقها وكونها أبواباً . وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يبدل الله الأرض غير الأرض فيبسطها ويمدّها مدّ الأديم العكاظي فلا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً " وهذا القول يناسب مذهب الحكماء في أن الذوات لا يتطرق إليها العدم وإنما تعدم صفاتها وأحوالها . نعم جوزوا انعدام الصور مع أنها جواهر عندهم . وتفسير ابن مسعود يناسب الوجه الأول قال : يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطىء عليها أحد خطيئة . وعن علي كرم الله وجهه : تبدل أرضاً من فضة وسموات من ذهب وعن الضحاك : أرضاً من فضة بيضاء كالصحائف . وقيل : لا يبعد أن يجعل الله الأرض جهنم والسموات الجنة . { وبرزوا لله } قد ذكرناه في أول السورة . وتخصيص { الواحد القهار } بالموضع تعظيم وتهويل وأنه لا مستغاث وقتئذ إلى غيره ولا حكم يومئذ لأحد إلا له يتفرد في حكمه ويقهر ما سواه .

/خ52