فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهيا عنه ، حتى أزلهما ، أي : حملهما على الزلل بتزيينه . { وَقَاسَمَهُمَا } بالله { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } فاغترا به وأطاعاه ، فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والرغد ، وأهبطوا إلى دار التعب والنصب والمجاهدة .
{ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أي : آدم وذريته ، أعداء لإبليس وذريته ، ومن المعلوم أن العدو ، يجد ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشر إليه بكل طريق ، وحرمانه الخير بكل طريق ، ففي ضمن هذا ، تحذير بني آدم من الشيطان كما قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا }
ثم ذكر منتهى الإهباط إلى الأرض ، فقال : { وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ } أي : مسكن وقرار ، { وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } انقضاء آجالكم ، ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها ، وخلقت لكم ، ففيها أن مدة هذه الحياة ، مؤقتة عارضة ، ليست مسكنا حقيقيا ، وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار ، ولا تعمر للاستقرار .
{ فأزلهما الشيطان عنها } أصدر زلتهما عن الشجرة وحملهما على الزلة بسببها ، ونظير " عن " هذه في قوله تعالى { وما فعلته عن أمري } . أو أزلهما عن الجنة بمعنى أذهبهما ، ويعضده قراءة حمزة فأزلهما وهما متقاربان في المعنى ، غير أن أزل يقتضي عثرة مع الزوال ، وإزلاله قوله : { هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } وقوله : { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين } ومقاسمته إياها بقوله : { إني لكما لمن الناصحين } . واختلف في أنه تمثل لهما فقاولهما بذلك ، أو ألقاه إليهما على طريق الوسوسة ، وأنه كيف توصل إلى إزلالهما بعدما قيل له : { اخرج منها فإنك رجيم } . فقيل : إنه منع من الدخول على جهة التكرمة كما كان يدخل مع الملائكة ، ولم يمنع أن يدخل للوسوسة ابتلاء لآدم وحواء . وقيل : قام عند الباب فناداهما . وقيل : تمثل بصورة دابة فدخل ولم تعرفه الخزنة . وقيل دخل في فم الحية حتى دخلت به . وقيل : أرسل بعض أتباعه فأزلهما ، والعلم عند الله سبحانه وتعالى .
{ فأخرجهما مما كانا فيه } أي من الكرامة والنعيم .
{ وقلنا اهبطوا } خطاب لآدم عليه الصلاة والسلام وحواء لقوله سبحانه وتعالى : { قال اهبطا منها جميعا } . وجمع الضمير لأنهما أصلا الجنس فكأنهما الإنس كلهم . أو هما وإبليس أخرج منها ثانيا بعدما كان يدخلها للوسوسة ، أو دخلها مسارقة أو من السماء .
{ بعضكم لبعض عدو } حال استغني فيها عن الواو بالضمير ، والمعنى متعادين يبغي بعضكم على بعض بتضليله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.