تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ} (36)

{ فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } .

35

المفردات :

الزلل : السقوط ، يقال زل في طين أو منطق يزل بالكسر زليلا ، وقال الفراء بالفتح زللا .

مستقر : أي قرار وأرزاق وآجال .

إلى حين : أي إلى وقت مؤقت ومقدار معين ثم تقوم القيامة ( 89 ) .

التفسير :

وسوس الشيطان لآدم وأغراه بالأكل من الشجرة فطرد الله آدم وحواء من الجنة إلى الدنيا ، وأوجب عليه أن يعمل ليكسب رزقه بعرق جبينه وكد يمينه ، وأن يمارس دوره في الحياة وفي خلافة الأرض ، وقد حذره الله من الشيطان وبين أن عداوة إبليس لآدم وذريته مستمرة إلى يوم القيامة .

{ فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه } .

وبالتعبير المصور أزلهما ( انه لفظ يرسم صورة الحركة التي يعبر عنها وانك لتكاد تلمح الشيطان وهو يزحزحها عن الجنة ويدفع بأقدامها فتزل وتهوى ) .

عندئذ تمت التجربة : " نسى آدم عهده وضعف إمام الغواية " ( 87 ) ، وعندئذ حقت كلمة الله وصرح قضاؤه .

{ وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } .

المأمور بالهبوط هو آدم وزوجه وإبليس ، وهو المأثور عن ابن عباس ومجاهد وكثير من السلف .

{ اهبطوا بعضكم لبعض عدو } : اهبطوا حال كون بعض أولادكم عدوا للآخر ( بما ركزه الله فيهم من غرائز صالحة للخير والشر ، يستغلها الشيطان فيوسوس لهم ويزين القبح حسنا فتندفع الغرائز نحو البغي والعدوان على الناس إلا من اعتصم بالشرع وحكم العقل فكان من المخلصين( 88 ) ، كما قال تعالى : لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين . ( الحجر 39-40 ) .

{ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين }

وعن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها " رواه مسلم والنسائي ( 90 ) .