{ فأزلهما الشيطان } أي استزل آدم وحواء { عنها } أي الجنة ودعاهما إلى الزلة وهي الخطيئة أي إستزلهما وأوقعهما فيها ، وقيل من الإزالة وهي التنحية أي نحاهما وقيل من الزوال .
وقد اختلف أهل العلم في الكيفية التي فعلها الشيطان في إزلالهما فقيل أنه كان ذلك بمشافهة منه لهما وإليه ذهب الجمهور ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى { وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين } والمقاسمة ظاهرها المشافهة ، وقيل لم يصدر منه إلا مجرد الوسوسة ، والمفاعلة ليست على بابها بل للمبالغة وقيل غير ذلك .
{ فأخرجهما مما كانا فيه } أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية وقيل الضمير للجنة ، وعلى هذا فالفعل مضمن معنى أبعدهما ، وإنما نسب ذلك إلى الشيطان لأنه هو الذي تولى إغواء آدم حتى أكل من الشجرة { وقلنا اهبطوا } أي انزلوا إلى الأرض ، خطاب لآدم وحواء وخوطبا بما يخاطب به الجمع لأن الاثنين أقل الجمع عند البعض من أئمة العربية ، وقيل إنه خطاب لهما ولإبليس وللحية .
فهبط آدم بسرنديب من أرض الهند على جبل يقال له نود ، وأهبطت حواء بجدة وإبليس بالأيلة من أعمال البصرة والحية باصبهان ، وقيل خطاب لهما ولذريتهما لأنهما لما كانا أصل هذا النوع الإنساني جعلا بمنزلته ، ويدل على ذلك قوله { بعضكم لبعض عدو } فإن هذه الجملة الواقعة حالا مبينا للهيئة الثابتة للمأمورين بالهبوط تفيد ذلك يعني العداوة التي بين المؤمنين من ذرية آدم وبين إبليس .
وإليه الإشارة بقوله تعالى { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا } والعدو خلاف الصديق وهو من عدا إذا ظلم ، والعدوان الظلم الصراح وقيل إنه مأخوذ من المجاوزة يقال عداه إذا جاوزه ، والمعنيان متقاربان ، فإن من ظلم فقد تجاوز .
قال ابن فارس العدو اسم جامع للواحد والاثنين والثلاثة ، والعداوة التي بين ذرية آدم والحية هي ما روى عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا ، ما سلمناهن منذ حاربناهن ) أخرجه أبو داود ، وله عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف من ثارهن فليس مني ) وفي رواية إلا الجان الأبيض ( الذي كأنه قضيب فضة ) وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان " وفي رواية " أن بهذه البيوت عوامر ، فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليه ثلاثا فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر ) .
{ ولكم في الأرض مستقر } المراد بالمستقر موضع الإستقرار ، ومنه { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا } وقد يكون بمعنى الاستقرار ، ومنه { إلى ربك يومئذ المستقر } فالآية محتملة للمعنيين ومثلها قوله { جعل لكم الأرض قرارا } { ومتاع } المتاع ما يستمتع به من المأكول والمشروب والملبوس ونحوها أي بلغة ومستمتع { إلى حين } أي إلى وقت انقضاء آجالكم .
واختلف المفسرون في قوله { حين } فقيل إلى الموت وقيل إلى قيام الساعة ، وأصل معنى الحين في اللغة الوقت البعيد ، ومنه { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } والحين الساعة ومنه { أو تقول حين ترى العذاب } والحين القطعة من الدهر ومنه { فذرهم في غمرتهم حتى حين } أي حتى تفنى آجالهم ويطلق على السنة وقيل على ستة أشهر ، ومنه { تؤتى أكلها كل حين } ويطلق على المساء والصباح ومنه { حين تمسون وحين تصبحون } قال ابن العربي الحين المجهول لا يتعلق به حكم والحين المعلوم سنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.