تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (194)

ولما ذكروا توفيق الله إياهم للإيمان ، وتوسلهم به إلى تمام النعمة ، سألوه الثواب على ذلك ، وأن ينجز لهم ما وعدهم به على ألسنة رسله من النصر ، والظهور في الدنيا ، ومن الفوز برضوان الله وجنته في الآخرة ، فإنه تعالى لا يخلف الميعاد ، فأجاب الله دعاءهم ، وقبل تضرعهم ، فلهذا قال :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (194)

{ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ } قيل : معناه : على الإيمان برسلك . وقيل : معناه : على ألسنة رسلك . وهذا أظهر .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمرو بن محمد ، عن أبي عِقَال ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عَسْقَلان أحد العروسين ، يبعث الله منها يوم القيامة سبعين{[6372]} ألفًا لا حساب عليهم ، ويبعث منها خمسين{[6373]} ألفا شهداء وُفُودًا إلى الله ، وبها صُفُوف الشهداء ، رؤوسهم مُقَّطعة في أيديهم ، تَثِجّ أوداجهم دما ، يقولون : { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } فيقول : صَدَق عبدي ، اغسلوهم بنهر البيضة . فيخرجون منه نقاء بيضًا ، فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا " .

وهذا الحديث يُعد من غرائب المسند ، ومنهم من يجعله موضوعا ، والله أعلم{[6374]} .

{ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أي : على رؤوس الخلائق { إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } أي : لا بد من الميعاد الذي أخبرتَ عنه رسُلَك ، وهو القيام يوم القيامة بين يديك .

وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الحارث بن سُرَيْج{[6375]} حدثنا المعتمر ، حدثنا الفضل بن عيسى ، حدثنا محمد بن المنكدر ؛ أن جابر بن عبد الله حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " العار والتخزية تبلغ{[6376]} من ابن آدم في القيامة في المقام بين يدي الله ، عز وجل ، ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار " حديث غريب{[6377]} .

/خ194


[6372]:في ر: "سبعون".
[6373]:في جـ، ر، أ: "خمسون".
[6374]:المسند (3/225) وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (2/54) وقال: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجميع طرقه تدور على أبي عقال واسمه: هلال بن زيد بن يسار. قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة ما حدث أنس بها قط، لا يجوز الاحتجاج به بحال"، وذكره الذهبي في الميزان (4/313) وقال: "باطل". وانظر كلام الحافظ ابن حجر في: القول المسدد برقم (8) فقد ذكر أن الحديث في فضائل الأعمال والتحريض على الرباط في سبيل الله وأن التسامح في رواية مثله طريقة الإمام أحمد - رحمه الله - ثم ساق له شواهد، فراجعها إن شئت.
[6375]:في جـ، ر: "شريح".
[6376]:في جـ، ر: "يبلغ".
[6377]:مسند أبي يعلى (3/311) وقال الهيثمي في المجمع (10/350): "وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو مجمع على ضعفه".