{ 90 } { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ } وذلك أن الله أوحى إلى موسى ، لما وصل البحر ، أن يضربه بعصاه ، فضربه ، فانفلق اثنى عشر طريقًا ، وسلكه بنو إسرائيل ، وساق فرعون وجنوده خلفه{[415]} داخلين .
فلما استكمل موسى وقومه خارجين من البحر ، وفرعون وجنوده داخلين فيه ، أمر الله البحر فالتطم على فرعون وجنوده ، فأغرقهم ، وبنو إسرائيل ينظرون .
حتى إذا أدرك فرعون الغرق ، وجزم بهلاكه { قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ } وهو الله الإله الحق الذي لا إله إلا هو { وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ } أي : المنقادين لدين الله ، ولما جاء به موسى .
والمشهد التالي هو مشهد التنفيذ .
وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ، فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً ، حتى إذا أدركه الغرق قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين . آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ? ! فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ، وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون . .
إنه الموقف الحاسم والمشهد الأخير في قصة التحدي والتكذيب . والسياق يعرضه مختصراً مجملاً ، لأن الغرض من سياقة هذه الحلقة من القصة في هذه السورة هو بيان هذه الخاتمة . بيان رعاية اللّه وحمايته لأوليائه ، وإنزال العذاب والهلاك بأعدائه ، الذين يغفلون عن آياته الكونية وآياته مع رسله حتى تأخذهم الآية التي لا ينفع بعدها ندم ولا توبة . وهو مصداق ما سبق في السورة من وعيد للمكذبين في قوله تعالى : ( ولكل أمة رسول ، فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون . ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? قل : لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء اللّه لكل أمة أجل ، إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون قل : أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً ، ماذا يستعجل منه المجرمون ? أثم إذا ما وقع آمنتم به ? آلآن وقد كنتم به تستعجلون ? ! ) . .
فهنا يأتي القصص ليصدق ذلك الوعيد :
( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ) . .
بقيادتنا وهدايتنا ورعايتنا . ولهذا الإسناد في هذا الموضع دلالته . .
لا اهتداء وإيماناً ، ولا دفاعاً مشروعاً . ولكن :
ومن مشهد البغي والعدو مباشرة إلى مشهد الغرق في ومضة :
وعاين الموت ، ولم يعد يملك نجاة . .
قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين . .
لقد سقطت عن فرعون الباغي العادي المتجبر الطاغي . . كل أرديته التي تنفخ فيه فتظهره لقومه ولنفسه قوة هائلة مخيفة ، ولقد تضاءل وتصاغر واستخذى . فهو لا يكتفي بأن يعلن إيمانه بأن لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل . فيزيد في استسلام . .
{ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر } أي جوزناهم في البحر حتى بلغوا الشط حافظين لهم ، وقرئ " جوزنا " وهو من فعل المرادف لفاعل كضعف وضاعف . { فأتبعهم } فأدركهم يقال تبعته حتى اتبعته . { فرعون وجنوده بغيا وعدوا } باغين وعادين ، أو للبغي والعدو وقرئ " وعدوا " . { حتى إذا أدركه الغرق } لحقه . { قال آمنت أنه } أي بأنه . { لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } وقرأ حمزة والكسائي إنه بالكسر على إضمار القوم أو الاستئناف بدلا وتفسيرا ل { آمنت } فنكب عن الإيمان أو أن القبول وبالغ فيه حين لا يقبل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.