تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ} (18)

{ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي } ذكر فيها هاتين المنفعتين ، منفعة لجنس الآدمي ، وهو أنه يعتمد عليها في قيامه ومشيه ، فيحصل فيها معونة . ومنفعة للبهائم ، وهو أنه كان يرعى الغنم ، فإذا رعاها في شجر الخبط ونحوه ، هش بها ، أي : ضرب الشجر ، ليتساقط ورقه ، فيرعاه الغنم .

هذا الخلق الحسن من موسى عليه السلام ، الذي من آثاره ، حسن رعاية الحيوان البهيم ، والإحسان إليه دل على عناية من الله له واصطفاء ، وتخصيص تقتضيه رحمة الله وحكمته .

{ وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ } أي : مقاصد { أُخْرَى } غير هذين الأمرين . ومن أدب موسى عليه السلام ، أن الله لما سأله عما في يمينه ، وكان السؤال محتملا عن السؤال عن عينها ، أو منفعتها أجابه بعينها ، ومنفعتها

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ} (18)

إنها عصاه . ولكن أين هو من عصاه ? إنما يتذكر فيجيب :

( قال : هي عصاي ، أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ) . .

والسؤال لم يكن عن وظيفة العصا في يده . إنما كان عما في يمينه . ولكنه أدرك أن ليس عن ماهيتها يسأل ، فهي واضحة ، إنما عن وظيفتها معه . فأجاب . .

ذلك أقصى ما يعرفه موسى عن تلك العصا : أن يتوكأ عليها وأن يضرب بها أوراق الشجر لتتساقط فتأكلها الغنم - وقد كان يرعى الغنم لشعيب . وقيل : إنه ساق معه في عودته قطيعا منها كان من نصيبه . وأن يستخدمها في أغراض أخرى من هذا القبيل أجملها ولم يعددها لأن ما ذكره نموذج منها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ} (18)

{ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا } أي : أعتمد عليها في حال المشي { وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي } أي : أهز بها الشجرة ليسقط ورقها ، لترعاه غنمي .

قال عبد الرحمن بن القاسم : عن الإمام مالك : والهش : أن يضع الرجل المحْجَن في الغصن ، ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثَمَره ، ولا يكسر العود ، فهذا الهش ، ولا يخبط . وكذا قال ميمون بن مهران أيضًا .

وقوله : { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى } أي : مصالح ومنافع وحاجات أخر غير ذلك . وقد تكلف{[19238]} بعضهم لذكر شيء من تلك المآرب التي أبهمت ، فقيل : كانت تضيء له بالليل ، وتحرس له الغنم إذا نام ، ويغرسها فتصير شجرة تظله ، وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة .

والظاهر أنها لم تكن كذلك ، ولو كانت كذلك لما استنكر موسى صيرورتها ثعبانًا ، فما كان يفر منها هاربًا ، ولكن كل ذلك من الأخبار الإسرائيلية{[19239]} وكذا قول بعضهم : إنها كانت لآدم ، عليه السلام . وقول الآخر : إنها هي الدابة التي تخرج قبل يوم القيامة . وروي عن ابن عباس أنه قال : كان اسمها ماشا . والله أعلم بالصواب .


[19238]:في أ: "تكلم".
[19239]:في أ: "الإسرائيليات".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ} (18)

{ قال هي عصاي } وقرئ " عصي " على لغة هذيل . { أتوكأ عليها } أعتمد عليها إذا أعييت أو وقفت على رأس القطيع . { وأهش بها على غنمي } وأخبط الورق بها على رؤوس غنمي ، وقرئ { أهش } وكلاهما من هش الخبز يهش إذا انكسر لهشاشته ، وقرئ بالسين من الهس وهو زجر الغنم أي أنحي عليها زاجرا لها . { ولي فيها مآرب أخرى } حاجات أخر مثل أنه كان إذا سار ألقاها على عاتقه فعلق بها أدواته ، وعرض الزندين على شعبيتها وألقى عليها الكساء واستظل به ، وإذا قصر الرشاء وصله بها ، وإذا تعرضت السباع لغنمه قاتل بها ، وكأنه صلى الله عليه وسلم فهم أن المقصود من السؤال أن يذكر حقيقتها وما يرى من منافعها ، حتى إذا رآها بعد ذلك على خلاف تلك الحقيقة ووجد منها خصائص أخرى خارقة للعادة مثل أن تشتعل شعبتاه بالليل كالشمع ، وتصيران دلوا عند الاستقاء ، وتطول بطول البئر وتحارب عنه إذا ظهر عدو ، وينبع الماء بركزها ، وينضب بنزعها وتورق وتثمر إذا اشتهى ثمرة فركزها ، على أن ذلك آيات باهرة ومعجزات قاهرة أحدثها الله فيها لأجله وليست من خواصها ، فذكر حقيقتها ومنافعها مفصلا ومجملا على معنى أنها من جنس العصي تنفع منافع أمثالها ليطابق جوابه الغرض الذي فهمه .