{ 24 - 26 } { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ }
يقول تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَة } " وهي شهادة أن لا إله إلا الله ، وفروعها { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } وهي النخلة { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } في الأرض { وَفَرْعُهَا } منتشر { فِي السَّمَاءِ } وهي كثيرة النفع دائما ،
وقوله : ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر يا محمد بعين قلبك فتعلم كيف مثّل الله مثلاً وشبّه شبها كلمة طيبة ، ويعني بالطيبة : الإيمان به جلّ ثناؤه : كشجرة طيبة الثمرة ، وترك ذكر الثمرة استغناء بمعرفة السامعين عن ذكرها بذكر الشجرة . وقوله : أصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السّماءِ يقول عزّ ذكره : أصل هذه الشجرة ثابت في الأرض ، وفرعها ، وهو أعلاها في السماء : يقول : مرتفع علوا نحو السماء .
ألم تر كيف ضرب الله مثلا } كيف اعتمده ووضعه . { كلمة طيّبة كشجرة طيّبة } أي جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله { ضرب الله مثلا } ، ويجوز أن تكون { كلمة } بدلا من { مثلا } و{ شجرة } صفتها أو خبر مبتدأ محذوف أي هي { كشجرة } ، وأن تكون أول مفعولي ضرب إجراء له مجرى جعل وقد قرئت بالرفع على الابتداء . { أصلها ثابت } في الأرض ضارب بعروقه فيها . { وفرعها } وأعلاها . { في السماء } ويجوز أن يريد وفروعها أي أفنائها على الاكتفاء بلفظ الجنس لاكتسابه الاستغراق من الإضافة . وقرئ " ثابت أصلها " والأول على أصله ولذلك قيل إنه أقوى ولعل الثاني أبلغ .
استئناف ابتدائي اقتضته مناسبة ما حكي عن أحوال أهل الضلالة وأحوال أهل الهداية ابتداء من قوله تعالى : { وبرزوا لله جميعاً إلى قوله تحيتهم فيها سلام } ، فضرب الله مثلاً لكلمة الإيمان وكلمة الشرك . فقوله : { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً } إيقاظ للذهن ليترقب ما يرد بعد هذا الكلام ، وذلك مثل قولهم : ألم تعلم . ولم يكن هذا المثَل مما سبق ضربه قبل نزول الآية بل الآية هي التي جاءت به ، فالكلام تشويق إلى علم هذا المثل . وصوغ التشويق إليه في صيغة الزمن الماضي الدال عليها حرف لَمْ } التي هي لنفي الفعل في الزمن الماضي والدالّ عليها فعل { ضرب } بصيغة الماضي لقصد الزيادة في التشويق لمعرفة هذا المثل وما مثل به .
والاستفهام في { ألم تر } إنكاري ، نُزل المخاطب منزلة من لم يعلم فأنكر عليه عدم العلم ، أو هو مستعمل في التعجيب من عدم العلم بذلك مع أنه مما تتوفر الدواعي على علمه ، أو هو للتقرير ، ومثله في التقرير كثير ، وهو كناية عن التحريض على العلم بذلك .
والخطاب لكل من يصلح للخطاب . والرؤية علمية معلّق فعلها عن العمل بما وليها من الاستفهام ب { كيف } . وإيثار { كيف } هنا للدلالة على أن حالة ضرب هذا المثل ذات كيفية عجيبة من بلاغته وانطباقه .
وتقدم المثَل في قوله : { مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً } في سورة البقرة ( 17 ) .
وضَرْب المثل : نَظْم تركيبه الدال على تشبيه الحالة . وتقدم عند قوله : { أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة ( 26 ) .
وإسناد { ضرب } إلى اسم الجلالة لأن الله أوحى به إلى رسوله عليه الصلاة والسلام .
والمثَل لما كان معنى متضمناً عدة أشياء صح الاقتصار في تعليق فعل { ضرب } به على وجه إجمال يفسره قوله : { كلمة طيبة كشجرة } إلى آخره ، فانتصب { كلمة } على البدلية من { مثلاً } بدلَ مفصّل من مجمل ، لأن المثل يتعلق بها لما تدل عليه الإضافة في نظيره في قوله : { ومثل كلمة خبيثة } .
والكلمة الطيبة قيل : هي كلمة الإسلام ، وهي : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله والكلمة الخبيثة : كلمة الشرك .
والطيبة : النافعة . استعير الطيب للنفع لحُسن وقعه في النفوس كوقع الروائح الذكية . وتقدم عند قوله تعالى : { وجرين بهم بريح طيبة } في سورة يونس ( 22 ) .
والفَرع : ما امتد من الشيء وعَلا ، مشتق من الافتراع وهو الاعتلاء . وفرع الشجرة غصنها ، وأصل الشجرة : جذرها .
والسماء مستعمل في الارتفاع ، وذلك مما يزيد الشجرة بهجة وحسن منظر .
وفي « جامع الترمذي » عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مثل كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " قال : هي النخلة ، { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } قال : هي الحَنْظَل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.